تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ١ - الصفحة ٦٤
لجميعهم، وأيضا: فقد صدرت السورة التي هي أولى الزهراوين (1) وسنام القرآن وأول المثاني بذكر المرتضين من عباد الله وهم المتقون.
* (الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة) * الموصول: إما أن يكون مجرورا بأنه صفة للمتقين أو منصوبا أو مرفوعا على المدح على تقدير: أعني الذين يؤمنون، أو هم الذين يؤمنون. وإما أن يكون منقطعا عما قبله مرفوعا على الابتداء وخبره * (أولئك على هدى) *، والإيمان إفعال من الأمن يقال: أمنت شيئا وآمنت غيري، ثم يقال: آمنه إذا صدقه، وحقيقته آمنه التكذيب والمخالفة، وعدي بالباء فقيل: آمن به، لأنه ضمن معنى: أقر واعترف، ويجوز أن يكون على قياس فعلته فأفعل، فيكون " آمن " بمعنى صار ذا أمن في نفسه بإظهار التصديق.
وحقيقة الإيمان في الشرع هو المعرفة بالله وصفاته وبرسله وبجميع ما جاءت به رسله، وكل عارف بشئ فهو مصدق به.
سورة البقرة / 3 و 4 ولما ذكر سبحانه الإيمان علقه بالغيب ليعلم أنه التصديق لله تعالى فيما أخبر به رسوله مما غاب عن العباد علمه: من ذكر القيامة والجنة والنار وغير ذلك، ويجوز أن يكون * (بالغيب) * في موضع الحال، ولا يكون صلة ل‍ * (يؤمنون) *، أي:
يؤمنون غائبين عن مرأى الناس، وحقيقته متلبسين (2) بالغيب، كقوله: * (يخشون ربهم بالغيب) * (3) فيكون الغيب بمعنى: الغيبة والخفاء، وعلى المعنى الأول يكون الغيب بمعنى: الغائب، من قولك: غاب الشئ غيبا، فيكون مصدرا سمي به.

(١) الزهراوان: سورتا البقرة وآل عمران كما في الحديث. انظر مستدرك الحاكم: ج ١ ص ٥٦٠.
(٢) في بعض النسخ: ملتبسين.
(٣) الأنبياء: ٤٩.
(٦٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 69 ... » »»