تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ١ - الصفحة ٦٢
عز وجل، كقول ابن عباس في * (كهيعص) *: إن الكاف من كاف، والهاء من هاد، والياء من حكيم، والعين من عليم، والصاد من صادق، و * (ألم) * معناه: أنا الله أعلم (1). ومنها: أن كل حرف منها يدل على مدة قوم وآجال آخرين، إلى غير ذلك من الوجوه (2).
على أن هذه الفواتح وغيرها من الألفاظ التي يتهجى بها عند المحققين أسماء مسمياتها حروف الهجاء (3) التي ركبت منها الكلم، وحكمها أن تكون موقوفة كأسماء الأعداد، تقول: ألف، لام، ميم، كما تقول: واحد، اثنان، ثلاثة، فإذا وليتها العوامل أعربت، فقيل: هذه الف، وكتبت لاما، ونظرت إلى ميم. قال الشاعر:
إذا اجتمعوا على ألف وياء * وواو هاج بينهم جدال (4) * (ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين) * (2) سورة البقرة / 2 إن جعلت * (ألم) * اسما للسورة، ففيه وجوه: أحدها: أن يكون * (ألم) * مبتدأ، و * (ذلك) * مبتدأ ثانيا، و * (الكتاب) * خبره، والجملة خبر المبتدأ الأول، فيكون المعنى: إن ذلك هو الكتاب الكامل الذي يستأهل أن يسمى كتابا، كأن ما سواه من الكتب ناقص بالإضافة إليه، كما تقول: هو الرجل، أي: الكامل في الرجولية. والثاني: أن يكون الكتاب صفة، فيكون المعنى: هو * (ذلك الكتاب) *

(١) تفسير ابن عباس: ص ٣ و ٢٥٣، وعنه البغوي في تفسيره: ج ١ ص ٤٤.
(٢) انظر تفصيل الأقوال ومن ذهب إليها في التبيان: ج ١ ص ٤٧ - ٤٩، وتفسير البغوي: ج ١ ص ٤٤، وتفسير ابن كثير: ج ١ ص ٣٤.
(٣) في نسخة زيادة: المبسوطة.
(٤) البيت ليزيد بن الحكم كما نسبه إليه الزجاج وابن الأنباري والقالي، وروى الحريري في درة الغواص عن الأصمعي قال: أنشدني عيسى بن عمر بيتا هجا به النحويين، وذكر البيت.
انظر معاني القرآن واعرابه: ج ١ ص ٦١، وخزانة الأدب: ج ١ ص ١١٠ - 112، والمقتضب:
ج 1 ص 236 وفيه: " قتال " بدل " جدال ".
(٦٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 ... » »»