تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ١ - الصفحة ٥٧٥
الاستئناف كأنه تفسير للرحمة، وبالفتح على الإبدال من الرحمة * (بجهلة) * في موضع الحال، أي: عمله وهو جاهل، بمعنى: أنه عمل عمل الجاهلين، لأن من عمل ما يستوبل عاقبته عالما بذلك فهو من أهل الجهل، ويجوز أن يراد عمله جاهلا بما يتبعه من الضرر والمكروه (1)، ومن كان حكيما لم يقدم على فعل شئ حتى يعلم حاله، وقرئ: * (لتستبين) * بالتاء والياء (2) مع رفع * (سبيل) * لأنها تذكر وتؤنث، وبالتاء على خطاب النبي (صلى الله عليه وآله) ونصب ال‍ " سبيل "، يقال: " استبان الأمر " و " تبين " و " استبنته " و " تبينته "، والمعنى: ومثل ذلك التفصيل البين * (نفصل) * آيات القرآن في صفة أحوال من لا يرجى إسلامه، ومن يرى فيه أمارات القبول وتباشير الإيمان، ولتستوضح سبيلهم فتعامل كلا منهم بما يجب أن يعامل به فصلنا ذلك التفصيل.
* (قل إني نهيت أن أعبد الذين تدعون من دون الله قل لا أتبع أهواءكم قد ضللت إذا وما أنا من المهتدين (56) قل إني على بينة من ربى وكذبتم به ما عندي ما تستعجلون به إن الحكم إلا لله يقص الحق وهو خير الفصلين (57) قل لو أن عندي ما تستعجلون به لقضى الامر بيني وبينكم والله أعلم بالظالمين) * (58) * (نهيت) * عن عبادة ما تعبدون * (من دون الله) *، * (قل لا أتبع أهواءكم) * أي:
لا أجري على طريقتكم التي سلكتموها من اتباع الهوى دون اتباع الدليل * (قد ضللت إذا) * أي: إن اتبعت أهواءكم فأنا ضال * (وما أنا من المهتدين) * السالكين

(١) انظر التبيان: ج ٤ ص ١٥٠.
(٢) قرأه عاصم برواية أبي بكر وحمزة والكسائي. راجع كتاب السبعة في القراءات لابن مجاهد: ص ٢٥٨، وتفسير السمرقندي: ج ١ ص ٤٨٨.
(٥٧٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 570 571 572 573 574 575 576 577 578 579 580 ... » »»