تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ١ - الصفحة ٥١٥
* (غلت أيديهم) * يجوز أن يكون دعاء عليهم بالبخل والنكد ولذلك كانوا أبخل خلق الله، ويجوز أن يكون دعاء عليهم بغل الأيدي حقيقة يغلون في الدنيا أسارى وفي الآخرة بالأغلال في النار، ويجوز أن يكون إخبارا بأنهم ألزموا البخل وجعلوا بخلاء (1) * (ولعنوا بما قالوا) * أي: أبعدوا عن رحمة الله وعذبوا * (بل يداه مبسوطتان) * ثنيت اليد هنا ليكون الإنكار لقولهم أبلغ وعلى إثبات غاية السخاء أدل، وذلك أن غاية ما يبذله السخي أن يعطي باليدين جميعا، وقوله:
* (ينفق كيف يشاء) * تأكيد أيضا للوصف بالسخاء ودلالة على أنه لا ينفق إلا ما تقتضيه الحكمة والصلاح * (وليزيدن كثيرا منهم ما أنزل إليك من ربك طغيانا) * أي: يزدادون عند إنزال (2) القرآن تماديا في الجحود وحسدا * (وكفرا) * بآيات الله * (وألقينا بينهم العداوة) * فكلماتهم مختلفة وقلوبهم شتى فلا يقع بينهم موافقة * (كلما أوقدوا نارا للحرب) * أي: كلما أرادوا محاربة النبي (صلى الله عليه وآله) غلبوا ولم يكن لهم ظفر قط، وقد أتاهم الإسلام وهم في ملك المجوس، وفي هذا دلالة على صحة نبوة نبينا (3) لأن اليهود كانوا في أشد بأس وأمنع دار حتى أن قريشا كانت تعتضد بهم، وكان الأوس والخزرج تتكثر بمظاهرتهم، فذلوا وقهروا وقتل النبي (عليه السلام) بني قريظة وأجلى بني النضير وغلب على خيبر وفدك (4) فاستأصل الله شأفتهم (5)

(١) راجع تفصيل ذلك في اعراب القرآن للنحاس: ج ٢ ص ٣٠.
(٢) في بعض النسخ: إنزاله.
(٣) في نسخة زيادة: محمد.
(٤) وذلك أن النبي (صلى الله عليه وآله) لما نزل خيبر وفتح حصونها ولم يبق إلا ثلث واشتد بهم الحصار راسلوا رسول الله (صلى الله عليه وآله) يسألونه أن ينزلهم على الجلاء ففعل، وبلغ ذلك أهل فدك فأرسلوا إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) أن يصالحهم على النصف من ثمارهم وأموالهم فأجابهم إلى ذلك. فهي مما لم يرجف عليه بخيل ولا ركاب فكانت خالصة لرسول الله (صلى الله عليه وآله). انظر معجم البلدان للحموي:
ج ٣ ص ٨٥٥ - ٨٥٨، وكتاب فدك في التاريخ للشهيد الصدر.
(5) الشأفة: قرحة تخرج في أسفل القدم فتكوى فتذهب، يقال في المثل: استأصل الله
(٥١٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 510 511 512 513 514 515 516 517 518 519 520 ... » »»