تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ١ - الصفحة ٤٩١
ودخلوها (1)، فيكون التقدير: كتب الله لكم الأرض المقدسة بشرط أن تجاهدوا أهلها، فلما أبوا الجهاد قيل: فإنها محرمة عليهم، فالعامل في الظرف * (يتيهون في الأرض) * أي: يسيرون فيها متحيرين لا يهتدون طريقا (2)، والتيه: المفازة التي يتاه فيها، فروي: أنهم لبثوا أربعين سنة في ستة فراسخ يسيرون كل يوم جادين حتى إذا أمسوا كانوا بحيث ارتحلوا عنه، وكان الغمام يظلهم من حر الشمس، ويطلع لهم (3) بالليل عمود من نور يضئ لهم، وينزل عليهم المن والسلوى، ولا تطول شعورهم، وإذا ولد لهم مولود كان عليه ثوب كالظفر، ويطول بطوله (4). واختلف في موسى وهارون هل كانا معهم في التيه؟ فقيل: لم يكونا معهم لقوله: * (فافرق بيننا وبين القوم الفسقين) * (5)، وقيل: كانا معهم إلا أنه كان ذلك روحا لهما وسلاما (6) لا عقوبة (7) كالنار لإبراهيم (8) * (فلا تأس) * فلا تحزن عليهم فإنهم أحقاء بالعذاب، لأنه ندم على الدعاء عليهم.
* (واتل عليهم نبأ ابني ادم بالحق إذ قربا قربانا فتقبل من أحدهما ولم يتقبل من الاخر قال لأقتلنك قال إنما يتقبل الله من المتقين (27) لئن بسطت إلى يدك لتقتلني ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك إني أخاف الله رب العلمين (28) إني أريد أن تبوأ بإثمي وإثمك فتكون من

(١) قاله ابن عباس والحسن وقتادة. راجع التبيان: ج ٣ ص ٤٩١، وتفسير القرطبي: ج ٦ ص ١٣٠.
(٢) في بعض النسخ: طريقها.
(٣) في بعض النسخ: عليهم.
(٤) رواها الزمخشري في الكشاف: ج ١ ص ٦٢٢، والبغوي في تفسيره: ج ٢ ص ٢٦.
(٥) قاله الحسن وقتادة. راجع التبيان: ج ٣ ص ٤٩١.
(٦) في نسخة: سلامة.
(٧) في بعض النسخ زيادة: لهم.
(٨) قاله ابن عباس على ما حكاه عنه الشيخ في التبيان: ج ٣ ص ٤٩٠، واختاره البغوي في تفسيره: ج ٢ ص ٢٦، والزجاج في معاني القرآن: ج 2 ص 165 - 166.
(٤٩١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 486 487 488 489 490 491 492 493 494 495 496 ... » »»