تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ١ - الصفحة ٤٤٧
* (ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم فلا تميلوا كل الميل فتذروها كالمعلقة وإن تصلحوا وتتقوا فإن الله كان غفورا رحيما (129) وإن يتفرقا يغن الله كلا من سعته وكان الله وا سعا حكيما) * (130) ومحال أن * (تستطيعوا) * العدل * (بين النساء) * والتسوية حتى لا يقع ميل البتة في المحبة والمودة بالقلب * (ولو حرصتم) * على ذلك، وعن النبي (صلى الله عليه وآله): أنه كان يقسم بين نسائه فيعدل ويقول: " هذه قسمتي فيما أملك فلا تأخذني فيما تملك ولا أملك " (1) يعني المحبة، وقيل: إن العدل بينهن صعب وهو أن يسوي بينهن في القسمة والنفقة والتعهد والنظر والمؤانسة وغير ذلك مما لا يحصى (2) فهو كالخارج من حد الاستطاعة، هذا إذا كن محبوبات كلهن فكيف إذا مال القلب مع بعضهن؟! * (فلا تميلوا كل الميل) * فلا تجوروا على المرغوب عنها كل الجور فتمنعوها قسمتها من غير رضى منها * (فتذروها كالمعلقة) * وهي التي ليست بذات بعل ولا مطلقة، ويروى: أن عليا (عليه السلام) كان له امرأتان، فكان إذا كان يوم واحدة لا يتوضأ في بيت الأخرى (3) * (وإن تصلحوا) * في القسمة والتسوية بين الأزواج * (وتتقوا) * الله في أمرهن * (فإن الله كان غفورا رحيما) * يغفر لكم ما مضى منكم من الحيف في ذلك، ويرحمكم بترك المؤاخذة عليه * (وإن يتفرقا) * وإن يفارق كل واحد منهما صاحبه * (يغن الله كلا) * أي: يرزقه الله زوجا خيرا من زوجه وعيشا

(١) مسند أحمد: ج ٦ ص ١٤٤، وأخرجه السيوطي في الدر المنثور: ج ٢ ص ٧١٢ وعزاه إلى ابن أبي شيبة وأحمد وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة وابن المنذر.
(٢) قاله ابن عباس ومحمد بن سيرين عن عبيدة وأبو قلابة والحسن ومجاهد والسدي وابن أبي مليكة والضحاك وسفيان وابن زيد. راجع تفسير الطبري: ج ٤ ص ٣١٢ - ٣١٤.
(٣) التبيان: ج ٣ ص ٣٥٠.
(٤٤٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 442 443 444 445 446 447 448 449 450 451 452 ... » »»