تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ١ - الصفحة ٣٣٧
الآخرة ثم صرفكم عنهم ليبتليكم ولقد عفا عنكم والله ذو فضل على المؤمنين) * (152) قذف الله * (في قلوب) * المشركين الخوف يوم أحد فانهزموا إلى مكة بعد أن كان لهم القوة والغلبة، ولما كانوا ببعض الطريق تلاوموا وقالوا: (1) لا محمدا قتلنا ولا الكواعب أردفنا، قتلناهم حتى إذا لم يبق منهم إلا الشريد تركناهم، ارجعوا فاستأصلوهم، فلما عزموا على ذلك ألقى الله في قلوبهم * (الرعب) * فأمسكوا * (بما أشركوا) * أي: بسبب إشراكهم، والمعنى: كان السبب في إلقاء الله الرعب في قلوبهم إشراكهم * (بالله) * آلهة لم ينزل الله بإشراكها حجة، وما عنى الله سبحانه أن هناك حجة لم ينزل عليهم وإنما أراد نفي الحجة ونزولها جميعا، كقول الشاعر:
ولا ترى الضب بها ينجحر (2) * (ولقد صدقكم الله وعده) * هو أنه سبحانه وعدهم النصر بشرط الصبر والتقوى في قوله: * (إن تصبروا وتتقوا ويأتوكم من فورهم هذا يمددكم) * (3)، وقد وفى لهم بما وعدهم، وذلك أن رسول الله أقام الرماة عند الجبل جبل أحد حين جعل الجبل خلف ظهره واستقبل المدينة، وأمرهم أن يثبتوا في مكانهم ولا يبرحوا كانت الدولة للمسلمين أو عليهم، فلما أقبل المشركون جعل الرماة يرشقون خيلهم وغيرهم يضربونهم بالسيوف حتى انهزموا، وذلك قوله تعالى: * (إذ تحسونهم

(1) في نسخة زيادة: بئسما فعلنا.
(2) وصدره: لا تفزع الأرنب أهوالها. وقائله: عمرو بن أحمر الباهلي في وصف فلاة، فإنه لم يرد أن بها أرانب لا تفزعها أهوالها، ولا ضبابا غير منجحرة، ولكنه نفى أن يكون بها حيوان، إذ بكثرة الأهوال فيها لا يمكن أن يسكنها حيوان. راجع ديوان ابن أحمر: ص 67، الخصائص:
ج 3 ص 165 و 321، وأمالي ابن الشجري: ج 1 ص 192، وخزانة الأدب للبغدادي: ج 10 ص 192 - 193 و ج 11 ص 313.
(3) الآية: 125.
(٣٣٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 332 333 334 335 336 337 338 339 340 341 342 ... » »»