تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ١ - الصفحة ٢٤٠
خاطب نفسه، كقول الأعشى (1):
ودع هريرة إن الركب مرتحل (2) * (وإذ قال إبراهيم رب أرني كيف تحى الموتى قال أولم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي قال فخذ أربعة من الطير فصرهن إليك ثم اجعل على كل جبل منهن جزءا ثم أدعهن يأتينك سعيا واعلم أن الله عزيز حكيم) * (260) سورة البقرة / 260 * (رب أرني) * أي: بصرني * (كيف تحى الموتى) *، * (قال أولم تؤمن) * قال له ذلك سبحانه وقد علم أنه أثبت الناس إيمانا، ليجيب بما أجاب به لما فيه من الفائدة للسامعين، وهذا ألف استفهام المراد به التقرير * (قال بلى) * هو إيجاب بعد النفي معناه: بلى آمنت * (ولكن ليطمئن قلبي) * ليزيد سكونا وطمأنينة بأن يضام العلم الضروري العلم الاستدلالي، وتظاهر الأدلة أزيد للبصيرة واليقين، وأراد بطمأنينة القلب: العلم الذي لا مجال فيه للشك، واللام تعلقت بمحذوف تقديره:
سألت ذلك ليطمئن قلبي * (قال فخذ أربعة من الطير) * طاووسا وديكا وغرابا

(١) هو ميمون بن قيس، ولد في قرية منفوحة من اليمامة في قومه بني قيس بن ثعلبة، وهم بطن من بطون بكر بن وائل بن ربيعة، عرفوا بالفصاحة فنشأ على فصاحتهم، وكان أعشى العينين فلقب بالأعشى، وكني بأبي بصير تفاؤلا له بشفاء بصره أو لنفاذ بصيرته، سكن الحيرة وكان يتردد على النصارى فيها، له ديوان شعر، ولاميته معروفة التي مطلعها:
ودع هريرة إن الركب مرتحل * وهل تطيق وداعا أيها الرجل (الكنى والألقاب: ج ٢ ص ٣٧).
(٢) وعجزه: وهل تطيق وداعا أيها الرجل. راجع ديوان الأعشى: ص ١٧، وخزانة الأدب: ج ٦ ص ٤٨٤ و ج 8 ص 393.
(٢٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 235 236 237 238 239 240 241 242 243 244 245 ... » »»