تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ١ - الصفحة ١٥٦
نبيه (صلى الله عليه وآله) عليهم وكفايته من يشاقه من اليهود والنصارى، وفيه دلالة على صحة نبوته، لأنه سبحانه قد أنجز وعده فوافق المخبر الخبر، ومعنى السين: أن ذلك كائن لا محالة وإن تأخر إلى حين * (وهو السميع العليم) * وعيد لهم، أو وعد لرسول الله، أي: يسمع ما ينطقون به ويعلم ما يضمرون فيعاقبهم على ذلك، أو يسمع ما تدعو به ويعلم نيتك وإرادتك من إظهار الدين وهو مستجيب لك * (صبغة الله) * مصدر مؤكد ينتصب عن قوله: * (آمنا بالله) * كما انتصب * (وعد الله) * (1) عما تقدمه، وهي فعلة من " صبغ " كالجلسة من " جلس "، وهي الحالة التي يقع عليها الصبغ، والمعنى: تطهير الله، لأن الإيمان يطهر النفوس، والأصل فيه: أن النصارى كانوا يغمسون أولادهم في ماء أصفر يسمونه المعمودية (2) ويقولون: هو تطهير لهم، فأمر المسلمون أن يقولوا: آمنا وصبغنا الله بالإيمان * (صبغة) * لا مثل صبغتكم، وطهرنا به تطهيرا لا مثل تطهيركم، ولا صبغة أحسن من صبغة الله * (ونحن له عبدون) * عطف على * (آمنا بالله) *.
* (قل أتحاجوننا في الله وهو ربنا وربكم ولنا أعمالنا ولكم أعمالكم ونحن له مخلصون) * (139) سورة البقرة / 140 و 141 أمر نبيه أن يقول لليهود وغيرهم: * (أتحاجوننا في الله) * أي: أتجادلوننا في أمر الله واصطفائه النبي من العرب دونكم * (وهو ربنا وربكم) * نشترك جميعا في أنا عبيده وهو ربنا وربكم، وهو يصيب بكرامته من يشاء من عباده إذا كان أهلا للكرامة * (ولنا أعمالنا ولكم أعمالكم) * يعني: أن العمل هو أساس الأمر، وكما أن لكم أعمالا يعتبرها الله في إعطاء الكرامة ومنعها فإن لنا أعمالا معتبرة في ذلك

(١) الروم: ٦.
(2) في بعض النسخ: المعهودية.
(١٥٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 151 152 153 154 155 156 157 158 159 160 161 ... » »»