الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ٤ - الصفحة ٤٣
سورة الرحمن مكية. وهى ست وسبعون آية بسم الله الرحمن الرحيم الرحمن. علم القرآن. خلق الإنسان. علمه البيان. الشمس والقمر بحسبان والنجم والشجر يسجدان.
____________________
سورة الرحمن مكية، وقيل مدينة، وقيل فيها مكي ومدني، وهى ست وسبعون آية (بسم الله الرحمن الرحيم) عدد الله عز وعلا آلاءه فأراد أن يقدم أول شئ ما هو أسبق قدما من ضروب آلائه وأصناف نعمائه وهى نعمة الدين، فقدم من نعمة الدين ما هو في أعلى مراتبها وأقصى مراقبها، وهو إنعامه بالقرآن وتنزيله وتعليمه لأنه أعظم وحى الله رتبة وأعلاه منزلة وأحسنه في أبواب الدين أثرا وهو سنام الكتب السماوية ومصداقها والعيار عليها، وأخر ذكر خلق الإنسان عن ذكره، ثم أتبعه إياه ليعلم أنه إنما خلقه للدين وليحيط علما بوحيه وكتبه وما خلق الإنسان من أجله، وكان الغرض في إنشائه كان مقدما عليه وسابقا له، ثم ذكر ما تميز به من سائر الحيوان من البيان وهو المنطق الفصيح المعرب عما في الضمير، و (الرحمن) مبتدأ، وهذه الأفعال مع ضمائرها أخبار مترادفة وإخلاؤها من العاطف لمجيئها على نمط التعديد كما تقول زيد أغناك بعد فقر، أعزك بعد ذل، كثرة بعد قلة، فعل بك ما لم يفعل أحد بأحد فما تنكر من إحسانه (بحسبان) بحساب معلوم وتقدير سوى (يجريان) في بروجهما ومنازلهما وفى ذلك منافع للناس عظيمة منها علم السنين والحساب (والنجم) والنبات الذي ينجم من الأرض لا ساق له كالبقول (والشجر) الذي له ساق. وسجودهما انقيادهما الله فيما خلقا له وأنهما لا يمتنعان تشبيها بالساجد من
(٤٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 ... » »»