الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ٢ - الصفحة ٤٢٦
كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا تتخذون أيمانكم دخلا بينكم أن تكون أمة هي أربى من أمة إنما يبلوكم الله به وليبينن لكم يوم القيامة ما كنتم فيه تختلفون.
ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة ولكن يضل من يشاء ويهدي من يشاء ولتسألن عما كنتم تعملون.
____________________
الأيمان كالمرأة التي أنحت على غزلها بعد أن أحكمته وأبرمته فجعلته (أنكاثا) جمع نكث وهو ما ينكث فتله، قيل هي ريطة بنت سعد بن تيم، وكانت خرقاء اتخذت مغزلا قدر ذراع وصنارة مثل إصبع وفلكة عظيمة على قدرها، فكانت تغزل هي وجواريها من الغداة إلى الظهر ثم تأمرهن فينقضن ما غزلن (تتخذون) حال، و (دخلا) أحد مفعولي اتخذ، يعني ولا تنقضوا أيمانكم متخذيها دخلا (بينكم) أي مفسدة ودغلا (أن تكون أمة) بسبب أن تكون أمة:
يعني جماعة قريش (هي أربى من أمة) هي أزيد عددا وأوفر مالا من أمة من جماعة المؤمنين (إنما يبلوكم الله به) الضمير لقوله - أن تكون أمة - لأنه في معنى المصدر، إنما يختبركم بكونهم أربى لينظر أتتمسكون بحبل الوفاء بعهد الله وما عقدتم على أنفسكم ووكدتم من أيمان البيعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، أم تغترون بكثرة قريش وثروتهم وقوتهم وقلة المؤمنين وفقرهم وضعفهم (وليبينن لكم) إنذار وتحذير من مخالفة ملة الإسلام (ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة) حنيفة مسلمة على طريق الإلجاء والاضطرار وهو قادر على ذلك (ولكن) الحكمة اقتضت أن يضل (من يشاء) وهو أن يخذل من علم أنه يختار الكفر ويصمم عليه (ويهدي من يشاء) وهو أن يلطف بمن علم أنه يختار الإيمان: يعني أنه بنى الأمر على الاختيار وعلى ما يستحق به اللطف والخذلان والثواب والعقاب، ولم يبنه على الإجبار الذي لا يستحق به شئ من ذلك وحققه بقوله (ولتسئلن عما كنتم تعملون) ولو كان هو المضطر
(٤٢٦)
مفاتيح البحث: يوم القيامة (1)، الضلال (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 421 422 423 424 425 426 427 428 429 430 431 ... » »»