التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٩ - الصفحة ٩٨
الجنة وتوعد الكفار من العقاب (حق) لاشك فيه بل هو كائن لا محالة ثم قال (فاما نرينك بعض الذي نعدهم أو نتوفينك فالينا يرجعون) معناه إنا إن أريناك يا محمد بعض ما نعدهم من العقاب عاجلا وإهلاكهم في دار الدنيا، وإن لم نفعل ذلك بهم وقبضناك إلينا، فالينا يرجعون يوم القيامة، فنفعل بهم ما وعدناهم من العقاب وأليم العذاب. وقال الحسن: تقديره إما نرينك بعض الذي نعدهم فنرينك ذلك في حياتك أو نتوفينك، فيكون ذلك بعد موتك فأي ذلك كان (فالينا يرجعون).
ثم قال تعالى (ولقد أرسلنا) يا محمد (رسلا من قبلك منهم) أي من جملتهم (من قصصنا عليك) قصتهم (ومنهم من لم نقصص عليك) وروي عن علي عليه السلام أنه قال (من بعث الله نبيا اسود لم يذكره الله) وقيل: بعث الله ثمانية آلاف نبي أربعة آلاف من بني إسرائيل وأربعة آلاف من غيرهم. ولم يذكر إلا نفرا يسيرا. ثم قال (وما كان لرسول أن يأتي بآية) أي بمعجزة ولا دلالة (إلا بإذن الله) وأمره (فإذا جاء امر الله) يعني قيام الساعة (قضي بالحق) أي فصل بين الخلائق (وخسر هنالك المبطلون) لأنهم يخسرون الجنة ويحصلون في النار بدلا منها (وذلك هو الخسران المبين) ثم قال تعالى على وجه تعداد نعمه على الخلق (الله الذي جعل لكم الانعام) من الإبل والبقر والغنم (لتركبوا منها ومنها تأكلون) اي خلقها لتنتفعوا بركوبها وتأكلوا منها، فإنه جعلها للامرين. وقال قوم: المراد بالانعام - ههنا - الإبل خاصة، لأنها التي تركب ويحمل عليها في أكثر العادات. واللام في قوله (لتركبوا) لام الغرض، فإذا كان الله تعالى خلق هذه الانعام وأراد ان ينتفع خلقه بها، وكان تعالى لا يريد القبيح ولا المباح، فلابد أن يكون أراد انتفاعهم بها على وجه الطاعة والقربة إليه
(٩٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 93 94 95 96 97 98 99 100 101 102 103 ... » »»
الفهرست