التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٩ - الصفحة ٨١
دعا إلى سبب الشئ فقد دعا إليه، ومن صرف عن سبب الشئ فقد صرف عنه، فمن صرف عن معصية الله فقد صرف عن النار، ومن دعا إليها فقد دعا إلى النار. والدعاء طلب الطالب الفعل من غيره، فالمحق يدعو إلى عبادة الله وطاعته وكل ما أمر الله به أو نهى عنه والمبطل يدعو إلى الشر والعصيان، فمنهم من يدري انه عصيان ومنهم من لا يدري ثم بين ذلك فقال (تدعونني لا كفر بالله) واجحد نعمه (واشرك به) في العبادة (ما ليس لي به علم) مع حصول العلم ببطلانه. لأنه لا يصح ان يعلم شريك له ومالا يصح أن يعلم باطل، فدل على فساد اعتقادهم للشرك من هذه الجهة ثم قال (وأبا أدعوكم) معاشر الكفار (إلى) عبادة (العزيز) يعني القادر الذي لا يقهر، ولا يمنع لاستحالة ذلك عليه (الغفار) لمن عصاه إذا تاب إليه تفضلا منه على خلقه. وقوله (لا جرم إن ما تدعونني إليه) قال الزجاج: هو رد الكلام كأنه قال لا محالة إن لهم النار. وقال الخليل: لا جرم لا يكون إلا جوابا تقول: فعل فلان كذا فيقول المجيب: لا جرم إنه عوين والفعل منه جرم يجرم.
وقال المبرد معناه حق واستحق (ليس له دعوة في الدنيا ولا في الآخرة) والمعنى ليس له دعوة ينتفع بها في أمر الدنيا ولا في الآخرة فأطلق ليس له دعوة، لأنه أبلغ وإن توهم جاهل ان له دعوة ينتفع بها، فإنه لا يعتد بذلك لفساده وتناقضه.
وقال السدي وقتادة والضحاك: معناه ليس لهذه الأصنام استجابة دعاء أحد في الدنيا ولا في الآخرة. وقيل: معناه ليس لها دعوة تجاب بالآلهية في الدنيا، ولا في الآخرة (وإن مردنا إلى الله) أي وجب ان مردنا إلى الله، ووجب (أن المسرفين) بارتكاب المعاصي. وقال مجاهد: يعني بقتل النفس من غير حلها.
وقال قتادة بالاشراك بالله (هم أصحاب النار) يعني الملازمون لها. قال الحسن:
(٨١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 76 77 78 79 80 81 82 83 84 85 86 ... » »»
الفهرست