التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٩ - الصفحة ٧٨
عن سبيل الحق. وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وأبو بكر عن عاصم (يدخلون) بالضم كقوله (يرزقون). الباقون بفتح الياء، لأنهم إذا ادخلوا، فقد دخلوا، حكى الله تعالى ان فرعون قال لهامان (يا هامان) وقيل: إنه كان وزيره (ابن لي صرحا) أي بناء ظاهرا عاليا لا يخفى على الناظر وان بعد، وهو من التصريح بالامر وهو اظهاره بأتم الاظهار (لعلي أبلغ الأسباب) ثم فسر تلك الأسباب فقال (أسباب السماوات) وقال ابن عامر أراد به منزل السماء.
وقال قتادة: معناه أبواب طرق السماوات. وقال السدي طرق السماوات. وقيل:
هي الأمور التي يستمسك بها. فهي أسباب لكونها على ما هي به ولا تضطرب ولا تسقط إلى الأرض بثقلها، ولا تزول إلى خلاف جهتها، وقوله " فاطلع إلى إله موسى " معناه فأشرف عليه لا رآه. وقيل: إن فرعون كان مشبها فطلب رؤية الاله في السماء كما ترى الأشخاص إذا أشرف عليها. وقيل: يجوز أن يكون أراد، فاطلع إلى بعض الآيات التي يدعيها موسى الدالة على إله موسى، لأنه كان يعلم أن الصرح لا يبلغ السماء، فكيف يرى من الصرح ما هو في السماء، ولو كان فيها على قول المجسمة، ويجوز أن يكون قال ذاك تمويها لما علم من جهل قومه.
وقوله " وإني لأظنه كاذبا " حكاية ما قال فرعون وإنه يظن أن ما يقوله موسى أن له إله خلق السماء والأرض كاذب في قوله. وقال الحسن: إنما قال فرعون هذا على التمويه وتعمد الكذب، وهو يعلم أن له إلها. وقوله " وكذلك زين لفرعون سوء عمله " أي مثل ما زين لهؤلاء الكفار أعمالهم كذلك زين لفرعون سوء عمله، وقال المزين له سوء عمله جهله بالله تعالى والشيطان الذي أغواه ودعاه إليه لأنه الجهل بالقبح في العمل يدعو إلى أنه حسن وصواب، فلما جهل فرعون ان له إلها يجب عليه عبادته وتوهم كذب ما دعاه إليه نبيه موسى،
(٧٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 73 74 75 76 77 78 79 80 81 82 83 ... » »»
الفهرست