التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٩ - الصفحة ٥٨٢
يجعل) أيي ليجعل بينكم مودة، وقيل معناه كونوا على رجاء من ذلك وطمع فيه وهو الوجه، لأنه الأصل في هذه اللفظة. ثم قال (والله قدير) أي قادر على كل ما يصح أن يكون مقدورا له (والله غفور) لذنوب عباده ساتر لمعاصيهم " رحيم " بهم أي منعم عليهم. قوله تعالى:
(لا ينهيكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين (8) إنما ينهيكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم أن تولوهم ومن يتولهم فأولئك هم الظالمون) (9) آيتان بلا خلاف.
قال الحسن: إن المسلمين استأذنوا النبي صلى الله عليه وآله في أن يبروا قرباتهم من المشركين، وكان ذلك قبل أن يؤمروا بالقتال لجميع المشركين، فنزلت هذه الآية وقال قتادة: هي منسوخة بقوله (فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم) (1) وبه قال ابن عباس: يقول الله تعالى مخاطبا للمؤمنين (لا ينهاكم الله) " عن " مخالطة " الذين لم يقاتلوكم في الدين " من الكفار " ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم " وتحسنوا إليهم " وتقسطوا إليهم " معناه تعدلوا إليهم " إن الله يحب المقسطين " يعني الذين يعدلون في الخلق. وقيل معناه إن الله يحب الذين يقسطون قسطا من أموالهم على وجه البر.
وقوله " إن تبروهم " في موضع خفض، وتقديره: لا ينهاكم الله عن أن

(1) سورة 9 التوبة آية 6
(٥٨٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 577 578 579 580 581 582 583 584 585 586 587 ... » »»
الفهرست