التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٩ - الصفحة ٤٦٩
لم يقرأ به أحد. والمعنى انه الخالق المشرق الشتاء ومشرق الصيف، وهو عند غاية طول النهار في الصيف وغاية قصره في الشتاء " ورب المغربين " مثل ذلك - وهو قول مجاهد وقتادة وابن زيد - والمشرق موضع شروق الشمس، وهو طلوعها تقول: شرقت الشمس تشرق شروقا إذا طلعت وأشرقت إذا أضائت وصفت.
والمغرب موضع غروب الشمس. والغروب مصيرها في حد الغروب وهو المغيب، غربت تغرب غروبا، ومنه الغريب وهو الصابر في حد الغائب عن النفس وأصله الحد ومنه الغروب مجاري الدموع لزوالها من حدها إلى الحد الآخر. وقوله " فبأي آلاء ربكما تكذبان " أي فبأي نعمة ربكما معاشر الجن والإنس تكذبان. وقد بينا الوجه في تكراره. وواحد الآلاء إلى علي وزن (معا) و (ألا) على وزن (قفا) عن أبي عبيدة.
وقوله " مرج البحرين يلتقيان بينهما برزخ لا يبغيان " معنى مرج أرسل - في قول ابن عباس. وقال الحسن وقتادة و (البحران) بحر فارس والروم. وقال ابن عباس في رواية أخرى هما بحر السماء وبحر الأرض " يلتقيان " في كل عام.
وقيل البحران الملح والعذب. وقيل: مرج البحرين خلط طرفيهما عند التقائهما من غير أن يختلط جملتها " لا يبغيان " أي لا يبغي أحدهما على الآخر بأن يقلبه إلى مثل حاله في الملوحة والعذوبة. ومرج معناه أرسل باذهاب الشيئين فصاعدا في الأرض، فمرج البحرين أرسلهما بالاجراء في الأرض يلتقيان، ولا يختلطان، ذلك تقدير العزيز العليم. والبرزخ الحاجز بين الشيئين، ومنه البرزخ الحاجز بين الدنيا والآخرة. وقال قتادة: البرزخ الحاجز أن يبغي الملح على العذب أو العذب على الملح. وقال مجاهد: معناه لا يبغيان لا يختلطان ومعناه لا يبغيان على الناس.
والنعمة بتسخير الشمس أنها تجري دائبة بمنافع الخلق في الدنيا والدين، فبأي آلاء
(٤٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 464 465 466 467 468 469 470 471 472 473 474 ... » »»
الفهرست