التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٩ - الصفحة ٤٤١
أزف الترحل غير أن ركابنا * لما تزل برحالنا وكأن قد (1) وقال كعب بن زهير:
بان الشباب وأمسى الشيب قد أزفا * ولا أرى لشباب ذاهب خلفا (2) وإنما سميت القيامة آزفة، وهي الدانية، لان كل آت قريب، فالقيامة قد قربت بالإضافة إلى ما مضى من المدة من لدن خلق الله الدنيا. وقوله " ليس لها من دون الله كاشفة " معناه لا يقدر أن يقيمها إلا الله وحده، وليس يجلي عنها ويكشف عنها سواه. وقيل كاشفة أي جامعة كاشفة أي نفس كاشفة، ويجوز أن يكون مصدرا مثل العافية والعاقبة والواقية، فيكون المعنى ليس لها من دون الله كشف أي ذهاب أي لا يقدر أحد غير الله على ردها. وقال الحسن: هو مثل قوله " لا يجليها لوقتها إلا هو " (3) وقيل: كاشفة بمعنى الانكشاف كقوله " ليس لوقعتها كاذبة " (4) ومثله " ولا تزال تطلع على خائنة منهم إلا قليلا منهم " (5) أي خيانة. والسامد اللاهي، يقال دع عنك سمودك أي امرك، وكأنه المستمر في اللهو، يقال: سمد يسمد سمودا فهو سامد، وقال الشاعر:
قيل قم فانظر إليهم * ثم دع عنك السمودا (6) ويقال للجارية: اسمدي لنا أي غني. وقوله " فاسجدوا لله واعبدوا " أمر من الله تعالى بالسجود له والصلاة وان يعبدوه خالصا مخلصا لا يشركون به أحدا في العبادة، فتعالى الله عن ذلك، وفي الآية دلالة على أن السجود - ههنا - فرض على ما يذهب إليه أصحابنا لان الامر يقتضي الوجوب.

(1) القرطبي 17 / 122 والطبري 27 / 43 (2) تفسير الطبري 27 / 43 (3) سورة 7 الأعراف آية 186 (4) سورة 56 الواقعة آية 2 (5) سورة 5 المائدة آية 14 (6) اللسان (سمد)
(٤٤١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 436 437 438 439 440 441 442 443 444 445 446 ... » »»
الفهرست