التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٩ - الصفحة ٣٨٣
فورب السماء والأرض إنه لحق مثل ما أنكم تنطقون) (23) تسع آيات.
قرأ حمزة والكسائي وأبو بكر عن عاصم (لحق مثل) بالرفع على أنه صفة للحق الباقون بالنصب، ويحتمل نصبه وجهين:
أحدهما - قول الجرمي أن يكون نصبا على الحال، كأنه قيل: حق مشبها لنطقكم في الثبوت.
الثاني - قال المازني إن (مثل) مبني، لأنه مبهم أضيف إلى مبني، كما قال الشاعر:
لم يمنع الشرب منها غير أن نطقت * حمامة في غصون ذات أو قال (1) وقال: فجعل (مثل) مع (ما) كالأمر الواحد، كما قال (لا ريب فيه) (2) وقولهم: خمسة عشر، فيكون على هذا (ما) زائدة وأضاف (مثل) إلى (إنكم تنطقون) فبناه على الفتح حين أضافه إلى المبني، ولو كان مضافا إلى معرب لم يجز البناء نحو: مثل زيد. وقيل: يجوز أن يكون نصبا على المصدر، وكأنه قال إنه لحق حقا كنطقكم.
لما حكى الله تعالى حكم الكفار وما أعده لهم أنواع العذاب، أخبر بما أعده للمؤمنين المطيعين الذين يتقون معاصي الله خوفا من عقابه، ويفعلون ما أوجبه عليهم فقال (إن المتقين في جنات وعيون) أي في بساتين تجنها الأشجار (وعيون) ماء تجري لهم في جنة الخلد، فهؤلاء ينعمون وأولئك يعذبون (آخذين ما آتاهم ربهم) من كرامته وثوابه بمعنى آخذين ما أعطاهم الله من ذلك ونصب (آخذين) على الحال (إنهم كانوا قبل ذلك محسنين) يفعلون الطاعات وينعمون على غيرهم

(1) مر في 4 / 479 (2) سورة 2 البقرة آية 1.
(٣٨٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 378 379 380 381 382 383 384 385 386 387 388 ... » »»
الفهرست