التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٩ - الصفحة ٣٨٠
وقوله (إن ما توعدون لصادق) جواب القسم. ومعناه إن الذي وعدتم به من الثواب والعقاب والجنة والنار وعد صدق لابد من كونه (وإن الدين لواقع) معناه إن الجزاء لكائن يوم القيامة، وهذا يفيد ان من استحق عقابا، فإنه يجازى به ويدخل في ذلك كل مستحق للعقاب، كأنه قال: إن جميع الجزاء واقع بأهله يوم القيامة في الآخرة. ثم استأنف قسما آخر فقال (والسماء ذات الحبك) فالحبك الطرائق التي تجري على الشئ كالطرائق التي ترى في السماء. وترى في الماء الصافي إذا مرت عليه الريح، وهو تكسر جار فيه. ويقال للشعر الجعد حبك والوحد حبيك وحبيكة، والحبك أثر الصنعة في الشئ واستوائه، حبكه يحبكه ويحبكه حبكا " والسماء ذات الحبك " أي ذات حسن الطرائق، وحبك الماء طرائقه قال زهير:
مكلل بأصول النجم تنسجه * ريح خريق لصافي مائه حبك (1) وتحبكت المرأة بنطاقها إذا شدته في وسطها، وذلك زينة لها، وحبك السيف إذا قطع اللحم دون العظم وقال الحسن وسعيد بن جبير: ذات الحبك ذات الزينة بالنجوم والصنعة وللطرائق الحسنة. وقيل: الحبك النسج الحسن، يقال:
ثوب محبوك. وقوله (إنكم لفي قول مختلف) معناه إنكم في الحق لفي قول مختلف، لا يصح إلا واحد منه، وهو أمر النبي صلى الله عليه وآله وما دعا إليه، وهو تكذيب فريق به وتصديق فريق. ودليل الحق ظاهر، وفائدته أن أحد الفريقين في هذا الاختلاف مبطل، لأنه اختلاف تناقض فاطلبوا الحق منه بدليله وإلا هلكتم. وقوله (يؤفك عنه من أفك) معناه يصرف عنه من صرف، ومنه قوله (أجئتنا لتأفكنا عن آلهتنا) (2) أي لتصرفنا، وتصدنا. وإنما قيل (يؤفك) عن الحق

(١) ديوانه ١٧٦ ومجاز القرآن 2 / 225 والقرطبي 17 / 32 (2) سورة 46 الأحقاف آية 22
(٣٨٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 375 376 377 378 379 380 381 382 383 384 385 ... » »»
الفهرست