التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٩ - الصفحة ١٧٥
أو مرسلا وذلك كلامه إياهم. الباقون بالنصب ويرسل فيوحي على تأويل المصدر، كأنه قال إلا أن يوحي أو يرسل. ومعنى (أو) في قوله (أو يرسل رسولا) يحتمل وجهين:
أحدهما - العطف، فيكون ارسال الرسول أحد اقسام بكلام كما يقال عتابك السيف كأنه قيل الا وحيا أو ارسالا.
الثاني - أن يكون (الا ان) كقولك لألزمنك أو تعطيني حقي، فلا يكون الارسال في هذا الوجه كلاما. ولا يجوز أن يكون (أو يرسل) فيمن نصب عطفا على قوله (أن يكلمه الله) لأنك لو حملته على ذلك لكان المعنى وما كان لبشر أن يكلمه الله أو ان يرسل رسولا، ولم يخل قولك (أو يرسل رسولا) من أن يكون المراد به أو يرسله رسولا أو يكون المراد أو يرسل إليه رسولا، والتقدير ان جميعا فاسدان، لاناء نعلم أن كثيرا من البشر قد ارسل رسولا، وكثيرا منهم ارسل إليه رسولا، فإذا بطل ذلك صح ما قدرناه أولا، ويكون التقدير ما كان لبشر أن يكلمه الله إلا أن يوحي وسيا أو يرسل رسولا، فيوحي، ويجوز في قوله (إلا وحيا) أمران:
أحدهما - أن يكون استثناء منقطعا.
والآخر - أن يكون حالا، فان قدرته استثناء منقطعا لم يكن في الكلام شئ توصل به (من) لان ما قبل الاستثناء لا يعمل في ما بعده، لان حرف الاستثناء في معنى حرف النفي، ألا ترى أنك إذا قلت: قام القوم إلا زيدا، فالمعنى قام القوم لا زيد. فكما لا يعمل ما قبل حرف النفي في - ما بعده كذلك لا يعمل ما قبل الاستثناء - إذا كان كلاما تاما - في ما بعده إذ كان بمعنى النفي، وكذلك لا يجوز أن يعمل ما بعد (إلا) في ما قبلها، فإذا كان كذلك لم يتصل الجار بما قبل (إلا)
(١٧٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 170 171 172 173 174 175 176 177 178 179 180 ... » »»
الفهرست