التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٩ - الصفحة ١٣
" وجعل لله أندادا " أي وسمى له تعالى أمثالا في توجيه عبادته إليها من الأصنام والأوثان " ليضل عن سبيله " فمن ضم الياء أراد ليضل بذلك غيره عن سبيل الحق. ومن فتح الياء أراد ليضل هو عن ذلك، واللام لام العاقبة، لأنهم لم يفعلوا ما فعلوه وغرضهم أن يضلوا عن سبيل الله، لكن عاقبتهم كان إليه.
فقال الله تعالى لنبيه (قل) له يا محمد على سبيل التهديد (تمتع بكفرك قليلا) يعني مدة حياتك (إنك من أصحاب النار) في العاقبة، وهم الذين يلزمون عذاب جهنم. ثم قال (أمن هو قانت آناء الليل ساجدا وقائما) فآناء الليل ساعات الليل واحدها آن، وإني بالياء (ساجدا وقائما) أي في هاتين الحالتين (يحذر الآخرة) أي يخاف عذاب الآخرة (ويرجو رحمة ربه) كمن خالف ذلك، فإنهما لا يتساويان ابدا، ثم قال (قل) لهم على وجه الانكار عليهم (هل يستوي الذين يعلمون) الحق ويعملون به (والذين لا يعلمون) ولا يعملون به، فإنهما لا يتساويان أبدا (إنما يتذكر) في ذلك (أولوا الألباب) أي ذوو العقول وروى جابر عن أبي جعفر عليه السلام في تفسير هذه الآية أنه قال: نحن الذين يعلمون وعدونا الذين لا يعلمون.
ثم قال لنبيه صلى الله عليه وآله (قل) لهم يا محمد (يا عبادي الذين آمنوا) بالله وصدقوا بوحدانيته وأقروا برسله (اتقوا ربكم) أي عقاب ربكم باجتناب معاصيه. ثم قال (للذين أحسنوا) يعني فعلوا الأفعال الحسنة وأحسنوا إلى غيرهم جزاء لهم على ذلك (في هذه الدنيا حسنة) يعني ثناء حسن وذكر جميل ومدح وشكر، وقيل: صحة وسلامة وعافية، ذكره السدي (وارض الله واسعة) فتهاجروا فيها عن دار الشرك - في قول مجاهد - وقيل: أرض الله يعني أرض الجنة واسعة (إنما يوفى الصابرون أجرهم) وثوابهم على طاعتهم وصبرهم على شدائد الدنيا
(١٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 ... » »»
الفهرست