التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٩ - الصفحة ١٠٧
الأصنام والأوثان ووصفهم بأنهم " الذين لا يؤتون الزكاة " وقال الحسن: معناه لا يؤتون ما يكونون به أزكياء أتقياء من الدخول في دين الله. وقال الفراء: الزكاة في هذا الموضع ان قريشا كانت تطعم الحاج وتسقيهم فحرموا ذلك على من آمن بمحمد صلى الله عليه وآله. وقال قوم: إنما توعدهم على ترك الزكاة الواجبة عليهم لأنهم متعبدون بجميع العبادات ويعاقبون على تركها وهو الظاهر. وقال الزجاج: معناه وويل للمشركين الذين لا يؤمنون بأن الزكاة واجبة. وإنما خص الزكاة بالذكر تقريعا لهم على شحهم الذي يأنف منه أهل الفضل ويتركون ما يقتضي انهم ان يعملوه عملوه لأجله. وفي ذلك دعاء لهم إلى الايمان وصرف لهم عن الشرك. وكان يقال: الزكاة قنطرة الايمان فمن عبرها نجا. وقال الطبري: معناه الذين لا يعطون الله الطاعة التي يطهرهم بها ويزكي أبدانهم، ولا يوحدونه. وقال عكرمة: هم الذين لا يقولون: لا إله إلا الله. وقد بينا أن الأقوى قول من قال إن الذين لا يؤدون زكاة أموالهم، لان هذا هو حقيقة هذه اللفظة " وهم بالآخرة هم كافرون " معناه وهم مع ذلك يجحدون ما أخبر الله به من الثواب والعقاب في الآخرة.
ثم اخبر الله تعالى عن المؤمنين فقال " ان الذين يؤمنون بالآخرة " أي يصدقون بأمر الآخرة من الثواب والعقاب " وعملوا الصالحات " أي الطاعات " لهم اجر غير ممنون " أي لهم جزاء على ذلك غير مقطوع، بل هو متصل دائم، ويجوز أن يكون معناه انه لا أذى فيه من المن الذي يكدر الصنيعة.
ثم امر النبي صلى الله عليه وآله ان يقول لهم على وجه الانكار عليهم بلفظ الاستفهام " أإنكم لتكفرون بالذي خلق الأرض في يومين " أي تجحدون نعمة من خلق الأرض في يومين " وتجعلون له أندادا " أي تجعلون له أشباها وأمثالا في استحقاق العبادة.
(١٠٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 102 103 104 105 106 107 108 109 110 111 112 ... » »»
الفهرست