التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٨ - الصفحة ٤١٩
الله سبحانه وتعالى يختلف مقداره بحسب ما يعلم من مصالح خلقه، كما يختلف الغنى والفقر، والقوة والضعف، والمعنى: وليس يطول عمر أحد ولا ينقص من عمره بأن يذهب بعضه بمضي الليل والنهار إلا وذلك في الكتاب المحفوظ أثبته الله تعالى قبل كونه. وقال الحسن والضحاك وابن زيد: معنى " ولا ينقص من عمره " أي من عمر معمر آخر، وقال أبو مالك: معناه ولا ينقص من عمره ينقضي ما ينقضي منه. وقال الفراء: هو كقولك: عندي درهم ونصفه أي ومثل نصف الدرهم من غيره.
ثم قال * (إن ذلك على الله يسير) * يعني تعمير من يعمره ونقصان من ينقصه وإثبات ذلك في الكتاب سهل على الله غير متعذر.
ثم قال تعالى * (وما يستوي البحران) * أي لا يستويان لان * (هذا عذب فرات سائغ شرابه) * اي مرئ شهي * (وهذا) * الآخر * (ملح أجاج) * فالفرات أعذب العذب والأجاج أشد المر. والأجاج مشتق من أججت النار كأنه يحرق من مرارته. و * (اللؤلؤ والمرجان) * (1) يخرج من الملح دون العذب. وقيل:
في الملح عيون عذبة، وفي ما بينهما يخرج اللؤلؤ.
ثم قال * (ومن كل) * يعني من البحرين العذب والأجاج * (تأكلون لحما طريا) * يعني سمكا * (وتستخرجون حلية تلبسونها) * من اللؤلؤ والمرجان * (وترى الفلك) * يعني السفن * (فيه مواخر) * اي تشق الماء في جريانها شقا. وقيل: معناه إنها تذهب وتجئ، بلغة قريش وهذيل. وقال الحسن: يعني مواقير كقوله * (الفلك المشحون) * (2) * (لتبتغوا من فضله) * معناه إنه تعالى خلق ذلك لخلقه

(1) سورة 55 الرحمان آية 22 (2) سورة 26 الشعراء آية 119 وسورة 36 يس آية 41 وسورة 37 الصافات آية 140
(٤١٩)
مفاتيح البحث: نهر الفرات (1)، الأكل (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 414 415 416 417 418 419 420 421 422 423 424 ... » »»
الفهرست