التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٨ - الصفحة ٣٢٢
من المكان و (هنا لك) للبعيد منه، و (هناك) للمتوسط بين القريب والبعيد وسبيله سبيل (ذا. وذاك وذلك).
والابتلاء إظهار ما في النفس من خير أو شر، ومثله الاختبار والامتحان والبلاء النعمة، لاظهار الخير على صاحبه، والبلاء النقمة لاظهار الشر عليه.
وقوله * (وزلزلوا زلزالا شديدا) * معناه وحركوا بهذا الامتحان تحريكا عظيما، فالزلزال الاضطراب العظيم ومنه قوله " إذا زلزلت الأرض زلزالها " والزلزلة اضطراب الأرض. وقيل: انه مضاعف زل، وزلزله غيره. والشدة قوة تدرك بالحاسة، لان القوة التي هي القدرة لا تدرك بالحاسة، وإنما تعلم بالدلالة، فلذلك يوصف تعالى بأنه قوي، ولا يوصف بأنه شديد.
ثم قال واذكر يا محمد * (إذ يقول المنافقون) * الذين باطنهم الكفر وظاهرهم الايمان * (والذين في قلوبهم مرض) * أي شك من الايمان بالله ورسوله * (ما وعدنا الله ورسوله) * اي لم يعدنا الله ورسوله من الظفر والظهور على الدين * (إلا غرورا) * وقيل: ان النبي صلى الله عليه وآله بشرهم بأنه يفتح عليهم مدائن كسرى وبلاد قيصر وغير ذلك من الفتوح، فقالوا: يعدنا بهذا، والواحد منا لا يقدر على أن يخرج ليقضي حاجة * (ما وعدنا الله ورسوله إلا غرورا) * غرانا به، فالغرور ايهام المحبوب بالمكر، يقال: غره يغره غرورا، فهو غار، والغرور الشيطان قال الحارث بن حلزة:
لم يغروكم غرورا ولكن * يرفع الآل جمعهم والضحاء وقال يزيد بن رومان: الذي قال هذا القول معتب بن قشيرة وقال العتابي:
ليس عاقل يقول: إن الله وعد غرورا، لكنهم لما كذبوا رسوله وشكوا في خبره، فكأنهم كذبوا الله، وإذا نسبوا الرسول بأنه غرهم، فقد نسبوا الله إلى
(٣٢٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 317 318 319 320 321 322 323 324 325 326 327 ... » »»
الفهرست