التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٧ - الصفحة ٦٥
إليك أشكوا شدة المعيش * ومر أيام نتفن ريشي اخبر الله تعالى أن تلك القرى أهلكناهم يعني أهل القرية، ولذلك قال:
(هم): ولم يقل (ها) لان القرية هي المسكن مثل المدينة والبلدة. والبلدة لا تستحق الهلاك، وإنما يستحق العذاب أهلها، ولذلك قال " لما ظلموا " يعني أهل القرية الذين أهلكناهم. والاهلاك اذهاب الشئ بحيث لا يوجد، فيقل هؤلاء أهلكوا بالعذاب. والاهلاك والاتلاف واحد، وقولهم الضائع هالك من ذلك لأنه بحيث لا يوجد. وقوله " وجعلنا لمهلكهم " أي لوقت اهلاكهم - في من ضم الميم - أو لوقت هلاكهم - في من فتحها - " موعدا " أي ميقاتا وأجلا فلما بلغوه جاءهم العذاب. والموعد الوقت الذي وعدوا فيه بالاهلاك.
وقوله " وإذ قال موسى لفتاه " معناه واذكر إذ قال موسى لفتاه لما في قصته من العبرة بأنه قصد السفر فوفق الله (عز وجل) في رجوعه أكثر مما قصد له ممن أحب موسى أن يتعلم منه ويستفيد من حكمته التي وهبها الله له. وقيل إن فتى موسى (ع) كان يوشع بن نون. وقيل ابن يوشع، وسمي فتاه لملازمته إيلاه " لا أبرح " أي لا أزال كما قال الشاعر:
وابراح ما أدام الله قومي * بحمد الله منتطقا مجيدا (1) أي لا أزال، ولا يجوز أن يكون بمعنى لا أزول، لان التقدير، لا أزال أمشي حتى أبلغ. ومعنى (لا يزال يفعل كذا) أي هو دائب فيه. وقيل إنه كان وعد بلقاء الخضر عند مجمع البحرين.
وقوله " أو امضي حقبا " معناه لا أبرح حتى أبلغ مجمع البحرين إلى أن

(١) قائله خداش بن زهير: تفسير القرطبي ١١ / 9 ومجمع البيان 3 / 479 واللسان (نطق.
(٦٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 60 61 62 63 64 65 66 67 68 69 70 ... » »»
الفهرست