التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٧ - الصفحة ٤٦٦
حكم الامام.
وقوله " واستغفر لهم الله " أي اطلب لهم المغفرة من الله. واستغفار النبي صلى الله عليه وآله هو دعاؤه لهم باللطف الذي تقع معه المغفرة " إن الله غفور رحيم " أي ساتر لذنوبهم منعم عليهم.
ثم أمر المكلفين فقال تعالى " لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا " وقيل في معناه قولان:
أحدهما - احذروا دعاءه عليكم إذا أسخطتموه، فان دعاءه موجب، ليس كدعاء غيره، ذكره ابن عباس.
والثاني - قال مجاهد وقتادة: ادعوه بالخضوع والتعظيم، وقولوا له " يا رسول الله، ويا نبي الله، ولا تقولوا: يا محمد، كما تقول بعضكم لبعض.
وقوله " قد يعلم الله الذين يتسللون منكم لواذا " معناه إذا تسلل واحد منكم من عند النبي صلى الله عليه وآله فان الله عالم به. وقال الحسن: معنى " لواذا " فرارا من الجهاد. قال الفراء: كان المنافقون يحضرون مع النبي الجمعة، فإذا نزلت آية فيها ذم للمنافقين ضجروا، وطلبوا غره (1) واستتر بعضهم ببعض، يقال: لا وذت بفلان ملاوذة، ولواذا. قال الزجاج: الملاوذة المخالفة، ولذت به ألوذ لياذا.
ثم حذرهم من مخالفة رسوله بقوله " فليحذر الذين يخالفون عن أمره " وإنما دخلت (عن) في قوله " عن أمره " لان المعنى يعرضون عن أمره. وفى ذلك دلالة على أن أوامر النبي صلى الله عليه وآله على الايجاب، لأنها لو لم تكن كذلك لما حذر من مخالفته، وليس المخالف هو ان يفعل خلاف ما أمره فقط، لان ذلك ضرب من المخالفة. وقد يكون مخالفا بألا يفعل ما أمره به. ولو كان الامر على الندب لجاز

(1) معناه طلبوا اختصار الحديث أي طيه على غره
(٤٦٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 461 462 463 464 465 466 467 469 470 471 472 ... » »»
الفهرست