التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٧ - الصفحة ٢٧٧
براءة ساحتها من العيب، وفي ذلك دليل واضح على سعة مقدوراته تعالى، وأنه يتصرف كيف شاء.
وقوله " وإن هذه أمتكم أمة واحدة " قال ابن عباس ومجاهد والحسن:
معناه دينكم دين واحد. واصل الأمة الجماعة التي على مقصد واحد، فجعلت الشريعة أمة، لاجتماعهم بها على مقصد واحد. وقيل: معناه جماعة واحدة في أنها مخلوقة مملوكة لله. ونصب " أمة " على الحال، ويسميه الكوفيون قطعا. ثم قال " وأنا ربكم " الذي خلقكم " فاعبدوني " ولا تشركوا بي أحدا.
وقوله " وتقطعوا أمرهم بينهم " معناه اختلفوا في الدين بما لا يسوغ، ولا يجوز - في قول ابن زيد - ثم قال مهددا لهم " كل الينا راجعون " أي إلى حكمنا، في الوقت الذي لا يقدر على الحكم فيه سوانا، كما يقال: رجع أمرهم إلى القاضي أي إلى حكمه.
وقوله " فمن يعمل من الصالحات وهو مؤمن " قيل: الصالحات - ههنا - صلة الرحم، ومعونة الضعيف، ونصرة المظلوم، وإغاثة الملهوف، والكف عن الظلم، ونحو ذلك من اعمال الخير، وإنما شرط الايمان، لأن هذه الأشياء لو فعلها الكافر لم ينتفع بها عند الله. وقوله " فلا كفران لسعيه " معناه لا جحود لاحسانه في عمله، وهو مصدر كفر كفرا وكفرانا، قال الشاعر:
من الناس ناس لا تنام خدودهم * وخدي ولا كفران لله نائم (1) وقوله " وإنا له كاتبون " أي ملائكتنا يثبتون ذلك ويكتبونه، فلا يضيع له لديه شئ.
وقوله " وحرام على قرية أهلكناها انهم لا يرجعون " قيل: (لا) صلة،

(1) تفسير الطبري 17 / 61
(٢٧٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 272 273 274 275 276 277 278 279 280 281 282 ... » »»
الفهرست