التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٧ - الصفحة ١٨٦
الامر وأجمعت عليه.
" ثم ائتوا صفا " ومعناه مصطفين. وقال الزجاج: هو كقولهم: أتيت الصف أي الجماعة. ولم يجمع (صفا) لأنه مصدر. وقال قوم: إن هذا من قول فرعون للسحرة. وقال آخرون: بل هو من قول بعض السحرة لبعض.
وقوله " وقد أفلح اليوم من استعلى " معناه قد فاز اليوم من علا على صاحبه بالغلبة. و " قالوا يا موسى اما أن تلقي واما أن نكون أول من القى " حكاية عما قالت السحرة لموسى فإنهم خيروه في الالقاء بين أن يلقوا أولا ما معهم أو يلقي موسى عصاه، ثم يلقون ما معهم، فقال لهم " بل ألقوا " أنتم ما معكم " فإذا حبالهم وعصيتهم " أي ألقوا ما معهم، فإذا حبالهم وعصيتهم. وحبال جمع حبل، وعصى جمع عصا، ويجع الحبل حبلا والعصى أعصيا ويثنى عصوان. وإنما أمرهم بالالقاء، وهو كفر منهم، لأنه ليس بأمر، وإنما هو تهديد. ومعناه الخبر، بان من كان إلقاؤه منكم حجة عنده ابتدأ بالالقاء، ذكره الجبائي. وقال قوم: يجوز أن يكون ذلك أمرا على الحقيقة أمرهم بالالقاء على وجه الاعتبار، لاعلى وجه الكفر.
وقيل كان عدة السحرة سبعين ألفا - في قول القاسم بن أبي برة وقال ابن جريج:
كانوا تسعمائة.
وقوله " فإذا حبالهم وعصيهم يخيل إليه من سحرهم أنها تسعى " وإنما قال يخيل، لأنها لم تكن تسعى حقيقة، وإنما تحركت، لأنه قيل إنه كان جعل داخلها زئبق، فلما حميت بالشمس طلب الزئبق الصعود، فتحركت العصي والحبال، فظن موسى أنها تسعى. وقوله " يخيل إليه " قيل إلى فرعون. وقيل إلى موسى. وهو الأظهر.
لقوله " فأوجس في نفسه خيفة موسى " وإنما خاف دخول الشبهة على قومه. وقيل خاف بطبع البشرية.
(١٨٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 181 182 183 184 185 186 187 188 189 190 191 ... » »»
الفهرست