التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٧ - الصفحة ١٧٤
الا ثدي أمه لما دلتهم عليهم أخته، فلذلك قال (فرجعناك إلى أمك كي تقر عينها ولا تحزن).
وقوله " وقتلت نفسا فنجيناك من الغم " وروي عن النبي صلى الله عليه وآله أن قتله النفس كان خطأ. وقال جماعة من المعتزلة: انه كان صغيرة. وقال أصحابنا: انه كان ترك مندوب إليه، لان الله تعالى قد كان حكم بقتله لكن ندبه إلى تأخير قتله إلى مدة غير ذلك، وإنما نجاه من الفكر في قتله، كيف لم يؤخره إلى الوقت الذي ندبه إليه.
وقال قوم: أراد نجيناك من القتل لأنهم طلبوه ليقتلوه بالقبطي.
وقوله (وفتناك فتونا) أي اختبرناك اختبارا. والمعنى انا عاملناك معاملة المختبر حتى خلصت للاصطفاء بالرسالة، فكل هذا من أكبر نعمه. وقيل: الفتون وقوعه في محنة بعد محنة حتى خلصه الله منها: أولها - أن أمه حملته في السنة التي كان فرعون بذبح فيها الأطفال، ثم القاؤه في اليم، ثم منعه من الرضاع إلا من ثدي أمه، ثم جره لحية فرعون حتى هم بقتله، ثم تناوله الجمرة بدل الدرة، فدرأ الله بذلك عنه قتل فرعون، ثم مجئ رجل من شيعته يسعى ليخبره بما عزموا عليه من قتله. وذلك عن ابن عباس فالمعنى على هذا وخلصناك من المحن تخليصا. وقيل:
معناه أخلصناك إخلاصا. ذكره مجاهد.
وقوله " فلبثت سنين في أهل مدين " يعني أقمت سنين عند شعيب، يعني أحوالا أجيرا له ترعى غنمه، فمننا عليك وجعلناك نبيا حتى " جئت على قدر " أي في الوقت الذي قدر لارسالك، قال الشاعر:
نال الخلافة إذ كانت له قدرا * كما اتى ربه موسى على قدر (1) وقال الجبائي معنى " وفتناك فتونا " أي شددنا عليك التعب في أمر المعاش

(1) مر تخريجه في 1 / 307 من هذا الكتاب
(١٧٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 169 170 171 172 173 174 175 176 177 178 179 ... » »»
الفهرست