التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٧ - الصفحة ١٣٣
على تعظيمه وتبجيله، وعظم منزلته. وهو مأخوذ من النبأ، وهو الخبر بالامر العظيم.
ثم اخبر الله تعالى انه ناداه (من جانب الطور الأيمن) فإنه قال له (اني انا الله رب العالمين) والطور جبل بالشام ناداه من ناحيته اليمنى، وهو يمين موسى (ع).
وقوله (وقربناه نجيا) معناه قربناه من الموضع الذي شرفناه وعظمناه بالحصول فيه ليسمع كلامه تعالى. وقال ابن عباس ومجاهد قرب من أهل الحجب حتى سمع صريف القلم. وقيل معناه إن محله منا محل من قربه مولاه من مجلس كرامته. وقيل قربه حتى سمع صرير القلم الذي كتب به التوراة. وقوله (نجيا) معناه انه اختصه بكلامه بحيث لم يسمع غيره، يقال: ناجاه يناجيه مناجاة إذا اختصه بالقاء كلامه إليه. واصل النجوة الارتفاع عن الهلكة، ومنه النجاة أيضا، والنجاء السرعة، لأنه ارتفاع في السير، ومنه المناجاة. وقال الحسن: لم يبلغ موسى (ع) من الكلام الذي ناجاه شيئا قط. ثم اخبر تعالى انه وهب له من رحمته ونعمته عليه أخاه هارون نبيا، شد أزره كما سأله.
ثم قال لنبيه محمد صلى الله عليه وآله (واذكر في الكتاب) الذي هو القرآن أيضا (إسماعيل) ابن إبراهيم وأخبر (انه كان صادق الوعد) بمعنى إذا وعد بشئ وفى به، ولم يخلف (وكان) مع ذلك (رسولا) من قبل الله إلى خلقه (نبيا) معظما بالاعلام المعجزة. وأنه " كان يأمر أهله بالصلاة والزكاة " قال الحسن: أراد بأهله أمته، والمفهوم من الأهل في الظاهر أقرب أقاربه. و " كان " مع هذه الأوصاف " عند ربه مرضيا " قد رضي اعماله لأنها كلها طاعات لم يكن فيها قبائح.
وإنما أراد بذلك افعاله الواجبات والمندوبات دون المباحات، لان المباحات لا يرضاها الله ولا يسخطها. واصل (مرضي) مرضو فقلبت الضمة كسرة والواو ياء وأدغمت في الياء.
(١٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 128 129 130 131 132 133 134 135 136 137 138 ... » »»
الفهرست