التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٧ - الصفحة ١٣١
وبه قال سعيد بن جبير والسدي، وهو بمعنى الملاوة من الزمان وهو الطويل منه.
والثاني - قال ابن عباس وقتادة وعطية والضحاك: معنى " مليا " سويا سليما من عقوبتي، وهو من قولهم: فلان ملي بهذا الامر إذا كان كامل الامر فيه مضطلعا به، فقال له إبراهيم " سلام عليك " أي سلامة عليك، أي اكرام وبر بحق الأبوة وشكر التربية. وقال ذلك على وضع التواضع له ولين الجانب لموضعه " سأستغفر لك ربي " قال قوم: إنما وعده بالاستغفار على مقتضى العقل، ولم يكن قد استقر بعد قبح الاستغفار للمشركين. وقال قوم: معناه سأستغفر لك إذا تركت عبادة الأوثان وأخلصت العبادة لله تعالى. ومعنى قوله " انه كان بي حفيا " إن الله كان عالما بي لطيفا، والخفي اللطيف بعموم النعمة، يقال: تخفني فلان إذا أكرمني وألطفني، وحفي فلان بفلان حفاوة إذا أبره وألطفه. والحفى أذى يلحق باطن القدم للطفه عن المشي بغير نعل ثم قال " وأعتزلكم " أي أتنحى عنكم جانبا، واعتزل عبادة " ما تدعون من دون الله. وادعوا ربي " وحده (عسى أن لا أكون بدعاء ربي شقيا).
وقوله (فلما اعتزلهم وما يعبدون من دون الله) قيل إنه اعتزلهم بأن خرج إلى ناحية الشام (وهبنا له إسحاق ويعقوب وكلا جعلنا نبيا) أي لما اعتزلهم آنسنا وحشته بأولاد كرام على الله رسل لله، وجعلناهم كلهم أنبياء معظمين (ووهبنا لهم من رحمتنا) أي من نعمتنا (وجعلنا لهم لسان صدق عليا) قال ابن عباس والحسن:
معناه الثناء الجميل الحسن من جميع أهل الملل، لان أهل الملل على اختلافهم يحسنون الثناء عليهم، وتقول العرب: جاءني لسان من فلان تعنى مدحه أو ذمه قال عامر ابن الحارث:
اني اتتني لسان لا اسربها * من علو لا عجب منها ولا سخر
(١٣١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 126 127 128 129 130 131 132 133 134 135 136 ... » »»
الفهرست