في هذه الآية حكاية ما أجاب به يعقوب يوسف حين قص عليه رؤياه ومنامه، فقال له " يا بني لا تقصص رؤياك على أخوتك " أي لا تخبرهم بها فإنك إن أخبرتهم بذلك حسدوك وكادوك واحتالوا عليك، وإنما قال ذلك لعلمه بأن تأويل الرؤيا أنهم يخضعون له.
وقوله " يا بني " فيه ثلاث يا آت، الياء الأصلية، وياء الإضافة، وياء التصغير.
وحذفت ياء الإضافة اجتزاء بالكسرة وأدغمت احدى اليائين في الأخرى. وفتح الياء وكسرها لغتان. وإنما صغر (بني) مع عظم منزلته، لأنه قصد بذلك صغر السن، ولم يقصد به تصغير الذم.
والرؤيا تصور المعنى في المنام على توهم الابصار، وذلك أن العقل مغمور بالنوم، فإذا تصور الانسان المعنى توهم أنه يراه.
والأخ المساوي في الولادة من أب أو أم أو منهما، ويجمع أخوة وآخاء. والكيد طلب الغيظ بأذى الطالب لغيره كاده يكيد كيدا، فهو كائد.
وقوله " ان الشيطان للانسان عدو مبين " اخبار منه تعالى بأن الشيطان معاد للانسان، ويلقى العداوة بينهم، واللام في قوله (لك كيدا) لام التعدية، كما يقال قدمت له طعاما، وقدمت إليه طعاما. وقال قوم: هو مثل قولهم شكرته وشكرت له، لأنه يقال كاده يكيده، وكاد له.
وحكى الكسائي أن قوما يقولون: (الريا) بكسر الراء وتشديد الياء فيقلبون الهمزة واوا ويدعمون الواو في الياء. و (رؤيا) فيها أربع لغات بضم الراء مع الهمزة وبالواو بلا همزة. وقد قرئ بهما، وبضم الراء والادغام. وبكسر الراء، ولا يقرأ بهاتين.
قوله تعالى:
(وكذلك يجتبيك ربك ويعلمك من تأويل الأحاديث تفسير التبيان ج 6 - م 7