وقوله " أرباب متفرقون " فيه أقوال: قال قوم املاك متباينون خير أم المالك القاهر للجميع، يدلهم بهذا على أنه لا يجوز ان يعتقدوا الربوبية إلا لله تعالى - عز وجل - وحده. وقال الحسن متفرقون من صغير وكبير ووسط، يعني الأوثان. وقال قوم: معناه متفرقون بمباينة كل واحد للآخر بما يوجب النقص، والقاهر القادر بما يجب به الغلبة لا محالة والقهار مبالغة في الصفة يقتضى انه القادر بما يجب به الغلبة لكل أحد والخير الا بلغ في صفة المدح، والشر الا بلغ في صفة الذم.
قوله تعالى:
ما تعبدون من دونه إلا أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان إن الحكم إلا لله أمر ألا تعبدوا إلا إياه ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون) (40) آية بلا خلاف.
وهذا تمام ما قال يوسف للكفار الذين يعبدون غير الله، فقال لهم لستم تعبدون من دون الله إلا أسماء سميتموها. وقيل في معناه قولان:
أحدهما - انه لما كانت الأسماء التي سموا بها آلهتهم لا تصح معانيها صارت كأنها أسماء فارغة يرجعون في عبادتهم إليها فكأنهم إنما يعبدون الأسماء، لأنه لا يصح معاني يصح لها من إله ورب الثاني - إلا أصحاب أسماء سميتموها لا حقيقة لها، والعبادة هي الاعتراف بالنعمة مع ضرب من الخضوع في أعلى الرتبة، ولذلك لا يستحقها إلا الله تعالى وقوله " ما انزل الله بها من سلطان " أي لم ينزل الله على صحة ما تدعونه حجة، ولا برهانا فهي باطلة لهذه العلة، لأنها لو كانت صحيحة، لكان عليها دليل.