عني كيدهن أصب إليهن وأكن من الجاهلين) (33) آية بلا خلاف.
اخبر الله تعالى عن يوسف انه لما سمع وعيد المرأة له بالحبس والصغار ان لم يجبها إلى ما تريده، قال يا " رب السجن أحب إلي مما يدعونني إليه " من ركوب الفاحشة، وإنما جاز ان يقول السجن أحب إلي من ذلك، وهو لا يحب ما يدعونه إليه، ولا يريده، ولا يريد السجن أيضا، لأنه ان أريد به المكان فذلك لا يراد، وان أريد به المصدر، فهو معصية منهي عنها، فلا يجوز ان يريده لامرين:
أحدهما - ان ذلك على وجه التقدير، ومعناه اني لو كنت مما أريد لكانت إرادتي لهذا أشد الثاني - ان المراد ان توطين نفسي على السجن أحب إلي.
وقيل معناه ان السجن أسهل علي مما يدعونني إليه.
وقرأ الحس (السجن) بفتح السين وأراد المصد ر، وبه قرأ يعقوب، وتأويله ما قلنا ه. والدعاء طلب الفعل من المدعو وصيغته صيغة الامر إلا أن الدعاء لمن فوقك والامر لمن دونك.
وقوله " إلا تصرف عني كيدهن " معناه ضرر كيدهن، لان كيدهن قد وقع، والصرف نفي الشئ عن غيره بضده أو بأن لا يفعل، وصورته كصورة النهي إلا أن النهي مع الزجر لمن هو دونك، وليس كذلك الصرف (والصبا) رقة الهوى، يقال صبا يصبو صبا فهو صاب، فكأنه قيل أميل هواي إليهن، قال الشاعر:
إلى هند صبا قلبي * وهند مثلها يصبي (2) وقال أيضا: