تفسير القمي - علي بن إبراهيم القمي - ج ١ - الصفحة ٢٣٣
صلى الله عليه وآله؟ وكان بينه وبين عيسى خمسمائة سنة، قال فتلا أبو جعفر عليه السلام هذه الآية " سبحان الذي اسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا " كان من الآيات التي أراها محمدا صلى الله عليه وآله حيث اسرى به إلى البيت المقدس انه حشر الله له الأولين والآخرين من النبيين والمرسلين ثم امر جبرئيل عليه السلام فاذن شفعا واقام شفعا (1) وقال في اقامته حي على خير العمل، ثم تقدم محمد صلى الله عليه وآله فصلى بالقوم فلما انصرف قال الله له: سل يا محمد من أرسلنا من قبلك من رسلنا اجعلنا من دون الرحمن آلهة يعبدون، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله على ما تشهدون وما كنتم تعبدون؟ قالوا نشهد ان لا إله إلا الله وحده لا شريك له وانك رسول الله صلى الله عليه وآله أخذت على ذلك عهودنا ومواثيقنا، قال نافع صدقت يا أبا جعفر، فأخبرني عن قول الله تعالى: " يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات " باي ارض الذي تبدل؟ فقال أبو جعفر عليه السلام بخبزة بيضاء يأكلون منها (2) حتى يفرغ الله من حساب الخلائق، فقال

(١) شفعت الشئ شفعا من باب نفع، ضممته إلى الفرد وشفعت الركعة جعلتها ركعتين، ومنه قول الفقهاء: الشفع ركعتان والوتر واحدة. (مجمع) (٢) تبدل الأرض يوم القيامة بخبزة بيضاء قد وردت فيه روايات كثيرة خاصة وعامة، اما الروايات الخاصة فعن الكافي عن أبي جعفر عليه السلام، قال سأله الأبرش الكلبي عن قول الله عز وجل " يوم تبدل الأرض غير الأرض " قال تبدل خبزة نقية يأكل الناس منها حتى يفرغوا من الحساب، فقال الأبرش فقلت ان الناس يومئذ لفي شغل عن الاكل، إلى آخر ما أجاب به الإمام عليه السلام عن الايراد المذكور، عن زرارة قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قوله الله عز وجل " يوم تبدل الأرض. الخ " قال تبدل خبزا نقيا يأكل منه الناس حتى يفرغوا من الحساب، قال قائل انهم لفي شغل عن الأكل والشرب؟ فقال إن الله خلق ابن آدم أجوف ولا بد له من الطعام والشراب الخ، وعن ارشاد المفيد (ر ح) عن عبد الرحمن بن عبد الله الزهري، قال حج هشام بن عبد الملك فدخل المسجد الحرام متكئا على ولد سالم مولاه، ومحمد بن علي عليه السلام جالس في المسجد، فقال له سالم مولاه، يا أمير المؤمنين! هذا محمد بن علي، قال هشام المفتونون به أهل العراق؟
قال نعم، قال اذهب إليه فقل له: ما الذي يأكل الناس ويشربون إلى أن يفصل بينهم يوم القيامة؟ قال أبو جعفر (ع) " يحشر الناس على مثل قرص نقي، فيها انهار متفجرة، يأكلون ويشربون حتى يفرغ من الحساب " إلى غير ذلك من الروايات المتضافرة الواردة فيه واما الروايات العامة ففي روح المعاني عن ابن جبير: تبدل الأرض خبزة بيضاء فيأكل المؤمن من تحت قدميه وعن أفلح مولى أبى أيوب: ان الأرض تكون يوم القيامة خبزة واحدة يتكفؤها الجبار بيده كما يتكفأ أحدكم خبزته في السفر، نزلا لأهل الجنة وهو في الصحيحين " ان تبدل الأرض خبزا وإن كان مما تستغربه الأذهان العامة لكن شيئا من التأمل يدفعه، لان المراد منها ليس هي الخبزة التي نأكلها، بل مادة شبيهة لها كما مضى في قول الإمام عليه السلام في الرواية " على مثل قرص نقي " هذا ثم إن الغرابة اما من جهة الاستحالة الذاتية فهي ممنوعة، أو الاستحالة العادية وهي مرتفعة بعموم قدرة الله تعالى، واما من جهة أخرى كعدم المناسبة أو عدم الداعي إلى ذلك، وقد أجاب عنه الإمام عليه السلام من أن ابن آدم خلق أجوف فما دام فيه اثر من الحياة يحتاج إلى ما يملا جوفه، حتى في رحم الأمهات وفي الجنان وجهنم كذلك، ففي يوم القيامة كيف لا يحتاج إليه مع طول مدته التي نص عليها القرآن بأنه كالف سنة مما تعدون (الحج 47).
وقد وردت فيه روايات أخر أيضا لا تقل غرابة مما ذكره القمي كتبدل الأرض فضة والسماء ذهبا ذكرها تفاسير العامة.
وفي رواية السجاد عليه السلام " تبدل الأرض غير الأرض " يعني بأرض لم تكسب عليها الذنوب بارزة ليس عليها جبال ولا نبات كما دحاها أول مرة (الصافي) وعلى هذا التفسير لا حاجة إلي تجشم الذب عنه.
ج. ز.
(٢٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 228 229 230 231 232 233 234 235 236 237 238 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة المحشي 1
2 مقدمة المصنف 1
3 الجزء (1) 28
4 سورة الفاتحة 28
5 سورة البقرة 30
6 معاني الايمان 31
7 معاني الكفر 33
8 معاني الحياة 35
9 ابتداء خلقة آدم 37
10 حج آدم 45
11 قصة البقرة 49
12 قضية أبي ذر 51
13 أصل السحر 55
14 قصة هاروت وماروت 57
15 إبراهيم وبناء البيت 61
16 الجزء (2) 62
17 كيفية الحج 69
18 اقسام الطلاق 75
19 اقسام العدة. 79
20 قصة طالوت وجالوت 81
21 الجزء (3) 84
22 آية الكرسي 85
23 قصة بخت نصر 87
24 احكام الربا 93
25 (سورة آل عمران) 96
26 مسائل النصراني والامام الباقر (ع) 99
27 قصة مريم 101
28 رفع عيسى 103
29 الجزء (4) 107
30 ورود الرايات يوم القيامة 109
31 غزوة أحد 111
32 مقام الأمير (ع) في أحد 113
33 شجاعة امرأة في أحد 115
34 شهادة حمزة (ع) 117
35 مواساة رجل من الأنصار 123
36 (سورة النساء) 130
37 حكم الكلالة 133
38 الجزء (5) 135
39 احكام القتل 147
40 الجزء (6) 157
41 (سورة المائدة) 160
42 القمار في الجاهلية 161
43 دخول بني إسرائيل في التيه 165
44 قصة هابيل وقابيل 167
45 خطبة النبي (ص) يوم الغدير 173
46 قضية ليلة العقبة 175
47 الهجرة إلى الحبشة 177
48 الجزء (7) 180
49 نزول حرمة الخمر 181
50 المأمون والامام الجواد (ع) 183
51 نكاح الجواد (ع) من أم الفضل 185
52 اقسام الصوم 187
53 مسائلة الله النبي يوم القيامة 191
54 (سورة الانعام) 193
55 ولادة إبراهيم (ع) 207
56 الجزء (8) 213
57 (سورة الأعراف) 222
58 اعتراض جبرئيل على آدم 225
59 رد الجبرية والقدرية 227
60 جهنم في الأرض والجنة في السماء 231
61 أسئلة مولى عمر من الباقر (ع) 233
62 الجزء (9) 236
63 آيات تسع لموسى 237
64 نزول التوراة 239
65 مناجاة الله موسى 243
66 قوم ثمود 245
67 ميثاق النبيين في الذر 247
68 (سورة الأنفال) 254
69 غزوة بدر 257
70 كلام المقداد وسعد 259
71 خوف قريش 261
72 كلام رسول الله (ص) لقريش 263
73 شهادة عبيدة بن الحارث 265
74 حمل إبليس لواء المشركين 267
75 (سورة التوبة) 271
76 شورى قريش في دار الندوة 273
77 مبيت علي (ع) على فراش النبي (ص) 275
78 الجزء (10) 278
79 غزوة حنين 285
80 مواساة الأمير (ع) في حنين 287
81 خطبة النبي (ص) في تبوك 291
82 حديث المنزلة 293
83 وفاة أبي ذر 295
84 توبة المتخلفين عن القتال 297
85 مصرف الصدقات 299
86 الجزء (11) 303
87 توبة أبي لبابة 303
88 مسجد ضرار 305
89 (سورة يونس) 308
90 غرق فرعون 315
91 أسف يونس على آل فرعون 319
92 سورة هود 321
93 الجزء (12) 321
94 معاني الأمة 323
95 قصة نوح 325
96 قصة لوط 329
97 قصة صالح 331
98 خروج إبراهيم من بلاد نمرود 333
99 هلاك قوم لوط 335
100 (سورة يوسف) 339
101 دعاء يوسف في السجن 345
102 الجزء (13) 346
103 كتاب عزيز مصر إلى يعقوب 351
104 دعاء يعقوب ويوسف للفرج 353
105 قميص يوسف 355
106 رد شباب زليخا 357
107 (سورة الرعد) 359
108 خلقة فاطمة من طوبى 365
109 (سورة إبراهيم) 367
110 الانسان وآخر يومه من الدنيا 369
111 ولوج النكيرين في القبر 371
112 سورة الحجر 372
113 الجزء (14) 372
114 ميلاد النبي الأعظم (ص) 373
115 حماء أبي طالب عن النبي 379
116 (سورة النحل) 382