فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٥ - الصفحة ٩٨
اسمه (وإلا) بأن كان مختلطا متلاصقا لا يقبل الفرق بدون ترجل (فلا) يفرقه بل يتركه بحاله معقوصا أي وفرة واحدة والحاصل أنه إن كان زمن قبول الفرق فرقه وإلا تركه غير مفروق وهذا أقعد من قول جمع معناه أنه إن انفرق بنفسه تركه مفروقا لعدم ملاءمته لقوله وإلا فلا لمصير معناه وإلا فلا يتركه مفروقا وهو ركيك وهذا بناء على جعل قوله وإلا فلا كلاما تاما وجعل بعضهم قوله فلا (يجاوز شحمة أذنيه إذا هو وفرة) كلاما واحدا وفسره تارة بأنه لا يجوز شحمة أذنيه إذا أعفاه من الفرق وقوله إذا هو وفره بيان لقوله وإلا وأخرى بأنه إذا انفرق لا يجوز شحمة أذنه في وقت توفير الشعر قال: وبه يحصل الجمع بين الروايات المختلفة في كون شعره وفرة وكونه جمة فيقال يختلف باختلاف أزمنة الفرق وعدمه واعلم أن المصطفى صلى الله عليه وسلم كان أولا لا يفرق تجنبا لفعل المشركين وموافقة لأهل الكتاب ثم فرق واستقر عليه (أزهر اللون) أبيضه نيره وهو أحسن الألوان فالمراد أبيض اللون ليس بأمهق ولا آدم وحينئذ فاللون مستدرك (واسع الجبين) يعني الجبينين وهما ما اكتنف الجبهة عن يمين وشمال والمراد بسعتهما امتدادهما طولا وعرضا وذلك محمود محبوب (أزج الحواجب) أي مرققهما مع تقوس وغزارة شعر جمع حاجب وهو ما فوق العين بلحمه وشعره أو هو الشعر الذي فوق العظم وحده وسمي به لحجبه الشمس عن العين أي منعه لها والحجب المنع وعدل عن الحاجبين إلى الحواجب إشارة إلى المبالغة في امتدادهما حتى صار كعدة حواجب (سوابغ) بالسين أفصح من الصاد جمع سابغة أي كاملات. قال الزمخشري: حال من المجرور وهو الحواجب وهي فاعلة في المعنى إذ تقديره أزج حواجبه أي زجت حواجبه (في غير قون) بالتحريك أي اجتماع يعني أن طرفي حاجبيه قد سبقا أي طالا حتى كادا يلتقيان ولم يلتقيا (بينهما) أي الحاجبين (عرق) بكسر فسكون (يدره) أي يحركه نافرا (الغضب) كان إذا غضب امتلأ ذلك العرق دما كما يمتلئ الضرع لبنا إذا در فيظهر ويرتفع (أقنى) بقاف فنون مخففة من القنا وهو ارتفاع أعلى الأنف واحد يدأب وسطه (العرنين) أي طويل الأنف مع دقة أرنبته وهو بكسر فسكون الأنف أو ما صلب منه أو أوله حيث يكون الشم والقنا فيه طوله ودقة أرنبته مع حدب في وسطه (له) أي للعرنين أو للنبي صلى الله عليه وسلم وهو أقرب (نور) بنون مضمومة (يعلوه) يغلبه من حسنه وبهاء رونقه (يحسبه) بضم السين وكسرها أي النبي أو عرنينه (من لم يتأمله) أي يمعن النظر فيه (أشم) مرتفعا قصبة الأنف قال محقق: وذا يفيد أن قناه كان قليلا فمن عكس انعكس عليه ومن قال المشهور كان أشم فالكتب المشهورة تكذبه اه‍. ومراده الدلجي والشمم ارتفاع قصبة الأنف وإشراف الأرنبة (كث اللحية) وفي رواية للحارث عن أم معبد كثيف اللحية بفتح الكاف غير دقيقها ولا طويلها وفيها كثافة كذا في النهاية وفي التنقيح كث اللحية كثير شعرها غير مسبلة وفي القاموس كثت كثرت أصولها وكثفت وقصرت وجعدت ولذا روى كانت ملتفة وفي شرح المقامات للشريشي كثة كثيرة الأصول بغير طول ويقال للحية إذا قص شعرها وكثر إنها لكثة وإذا عظمت وكثر شعرها قيل إنه لذوا عشنون فإذا
(٩٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 93 94 95 96 97 98 99 100 101 102 103 ... » »»
الفهرست