فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٥ - الصفحة ٣٢٠
7190 - (كان آخر ما تكلم به) أي من الذي كان يوصي به أهله وأصحابه وولاة الأمور من بعده فلا يعارضه آخر ما تكلم به جلال ربي الرفيع ونحوه (أن قال قاتل الله اليهود والنصارى) أي قتلهم (اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد) قال البيضاوي: لما كانوا يسجدون لقبور أنبيائهم تعظيما لها نهى أمته عن مثل فعلهم أما من اتخذ مسجدا بجوار صالح أو صلى في مقبرته استظهارا بروحه أو وصول أثر من عبادته إليه لا لتعظيمه فلا حرج ألا ترى أن قبر إسماعيل بالحطيم وذلك المحل أفضل للصلاة فيه والنهي عن الصلاة بالمقبرة مختص بالمنبوشة اه‍. (لا يبقين دينان) بكسر الدال (بأرض العرب) وفي رواية بجزيرة العرب وهي مبينة بالمراد بالأرض هنا إذ لا يستقيم بأرض دينان على التظاهر والتعارف لما بينهما من التضاد والتخالف وقد أخذ الأئمة بهذا الحديث فقالوا: يخرج من جزيرة العرب من دان بغير ديننا ولا يمنع من التردد إليها في السفر فقط قال الشافعي ومالك: لكن الشافعي خص المنع بالحجاز وهو مكة والمدينة واليمامة وأعمالها دون اليمن من أرض العرب وقال ابن جرير الطبري: يجب على الإمام إخراج الكفار من كل مصر غلب عليه الإسلام حيث لا ضرورة بالمسلمين وإنما خص أرض العرب لأن الدين يومئذ لم يتعداها قال: ولم أر أحدا من أئمة الهدى خالف في ذلك اه‍. وهذا كما ترى إيماء إلى نقل الإجماع فلينظر فيه، وقال غيره: هذا الحكم لمن بجزيرة العرب يخرج منها بكل حال عذر أم لا وأما غيرها فلا يخرج إلا لعذر كخوف منه. - (هق عن أبي عبيدة) عامر (ابن الجراح) أحد العشرة المشهود لهم بالجنة.
7191 - (كان آخر ما تكلم به) مطلقا (جلال ربي) أي أختار جلال ربي (الرفيع فقد بلغت ثم قضى) أي مات ولا يناقضه ما سبق كان آخر كلامه الصلاة إلخ لأن ذلك آخر وصاياه وذا آخر ما نطق به قال السهيلي: وجه اختياره هذه الكلمة من الحكمة أنها تتضمن التوحيد والذكر بالقلب حتى يستفاد منه الرخصة لغيره في النطق وأنه لا يشترط الذكر باللسان وأصل هذا الحديث في الصحيحين عن عائشة كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول وهو صحيح إنه لم يقبض نبي حتى يرى مقعده من الجنة ثم أفاق فأشخص بصره إلى سقف البيت ثم قال: اللهم الرفيق الأعلى فعلمت أنه لا يختارنا وعرفت أنه الحديث الذي كان يحدثنا وهو صحيح والذي دعاه إلى ذلك رغبته في بقاء محبوبه فلما عين للبقاء محلا خاصا ولا ينال إلا بالخروج من هذه الدار التي تنافي ذلك اللقاء اختار الرفيق الأعلى.
تتمة: ذكر السهيلي عن الواقدي أن أول كلمة تكلم بها المصطفى صلى الله عليه وسلم لما ولد جلال ربي الرفيع لكن روى عائذ أن أول ما تكلم به لما ولدته أمية حين خروجه من بطنها الله أكبر كبيرا والحمد لله كثيرا وسبحان الله بكرة وأصيلا.
(٣٢٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 315 316 317 318 319 320 321 322 323 324 325 ... » »»
الفهرست