فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٥ - الصفحة ٢١
6290 - (كل بني آدم يطعن الشيطان) بضم العين (في جنبيه) بالتثنية (بإصبعه) بالإفراد وفي رواية للبخاري بالتثنية. قال الطيبي: المس والطعن عبارة عن الإصابة بما يؤذيه ويؤلمه لا كما زعمه المعتزلة أن المس تخييل واستهلاله صارخا من مسه تصوير لطمعه فيه كأنه يمسه ويضرب بيده عليه ويقول هذا ممن أغويه، وأما قول ابن الرومي:
لما تؤذن الدنيا به من صروفها * يكون بكاء الطفل ساعة يولد إذا أبصر الدنيا استهل كأنه * بما هو لاق من أذاها يهدد وإلا فما يبكيه منها فإنه * لأوسع مما كان فيه وارغد فمن باب حسن التعليل فلا يستقيم تنزيل الحديث على أنه لا ينافيه، وقال البيضاوي: مس الشيطان تعلقه بالمولود وتشويش حاله والإصابة بما يؤذيه ويؤلمه أولا كما قال تعالى عن أيوب * (أني مسني الشيطان بنصب وعذاب) * والاهتمام بحصول ما يصير ذريعة ومتسلقا في إغوائه اه‍. فقوله يؤلمه بين به أن المس حقيق ردا على الزمخشري (حين يولد) زاد البخاري في رواية في آل عمران فيستهل صارخا من مس الشيطان إياه (غير عيسى ابن مريم ذهب يطعن فطعن في الحجاب) أي المشيمة التي فيها الولد. قال ابن حجر: اقتصر هنا على عيسى دون الأولى، لأن هذا بالنسبة للطعن في الجنب وذاك بالنسبة للمس، أو هذا قبل الإعلام بما زاد وفيه بعد. (خ عن أبي هريرة) ورواه مسلم بمعناه في المناقب.
6291 - (كل بني آدم حسود، ولا يضر حاسدا حسده ما لم يتكلم باللسان أو يعمل باليد) هذا الحديث سقط من قلم المصنف منه طائفة فإن سياقه عند أبي نعيم الذي عزاه إليه: كل بني آدم حسود، وبعض الناس أفضل في الحسد من بعض ولا يضر حاسدا حسده ما لم يتكلم باللسان أو يعمل باليد اه‍. وإنما كان كل أدمي حسودا لأن الفضل يقتضي الحسد بالطبع فإذ نظر الإنسان إلى من فضل عليه في مال أو علم أو غيرهما لم تملكه نفسه عن أن يحسده فإن بادر بكفها انكف وإلا سقط في مهاوي الهلكة، وقيل لا يفقد الحسد إلا من فقد الخير أجمع ولذلك قال بعض الشعراء:
إن العرانين تلقاها محسدة * ولا ترى للئام الناس حسادا وقال أبو تمام:
وذو النقص في الدنيا * بذي الفضل مولع
(٢١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 ... » »»
الفهرست