فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٢ - الصفحة ٢٨
على أمته لا على الأنبياء بقرينة قوله فإن الأرض إلى أخره. تنبيه: قال أبو الحسن المالكي في شرح الترغيب حكمة عدم أكل الأرض أجساد الأنبياء ومن ألحق بهم أن التراب يمر على الجسد فيطهره والأنبياء لا ذنب لهم فلم يحتج إلى تطهيره بالتراب (ابن سعد) محمد في الطبقات (عن الحسن) البصري (مرسلا) وإسناده حسن وله شواهد.
1225 - (أفرض أمتي) أي أعرفهم بعلم الفرائض (زيد بن ثابت) بن الضحاك الأنصاري البخاري المدني أبو سعيد أو أبو خارجة روى عنه ابن عمر وأنس بن مالك وعروة وخلق وهو كاتب الوحي، قدم المصطفى صلى الله عليه وسلم المدينة وعمره إحدى عشرة سنة وكان حفظ قبل الهجرة سبع عشرة سورة فأعجب المصطفى صلى الله عليه وسلم ذلك فقال: يا زيد تعلم لي كتاب اليهود، فما مضى نصف شهر حتى حذق به وتعلم العبرانية والسريانية في سبع عشرة ليلة وكان من الراسخين في العلم وندبه الصديق لجمع الفرائض وكان عمر إذا حج استخلفه على المدينة وعده مسروق من الستة الذين هم أهل الفتوى من الصحابة وقد أخذ الشافعي بقوله في الفرائض لهذا الحديث ووافق اجتهاده اجتهاده قال القفال: ما تكلم أحد في الفرائض إلا ووجد له القول في بعض المسائل هجره الناس إلا زيدا فإنه لم ينفرد بقول:
وما قال قولا إلا تبعه عليه جمع من الصحابة وذلك يقتضي الترجيح قال الماوردي وفي معنى الحديث أقوال أحدها أنه قاله حثا للصحب على منافسته والرغبة في تعليمه كرغبته لأنه كان منقطعا إلى تعلم الفرائض بخلاف غيره، الثاني قاله تشريفا له وإن شاركه غيره فيه كما قال أقرؤكم أبي، الثالث خاطب به جمعا من الصحب كان زيد أفرضهم، الرابع أراد به أن زيدا كان أشدهم عناية وحرصا عليه، الخامس قاله لأنه كان أصحهم حسابا وأسرعهم جوابا وقد كان الصحب يعترفون له بالتقدم في ذلك، وناهيك بتلميذه ترجمان القرآن فإنه أخذ عنه وبلغ من تعظيمه له أن زيدا صلى على جنازة أمه فقربت له بغلته ليركب فأخذ ابن عباس بركابه فقال زيد، خلي عنها يا ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: هكذا نفعل بعلمائنا فقبل زيد يده، وقال هكذا نفعل بأهل بيت نبينا قال ابن الأثير كان زيد عثمانيا ولم يشهد مع علي شيئا من حروبه وكان يعظمه جدا ويظهر فضله. مات سنة اثنين أو ثلاث أو ثمان وأربعين أو إحدى أو خمس أو ست وخمسين ولما مات قال أبو هريرة: مات حبر الأمة (ك) في الفرائض من حديث أبي قلابة (عن أنس) وصححه فاغتر به المصنف فرمز لصحته وفيه ما فيه فقد قال الحافظ ابن حجر قد أعل بالإرسال، قال وضاع أبي قلابة من أنس صحيح إلا أنه قيل لم يسمع منه هذا وقد ذكر الدارقطني الاختلاف فيه على أبي قلابة في العلل ورجح هو وغيره إرساله انتهى. لكن ذكر ابن الصلاح أن الترمذي والنسائي وابن ماجة رووه بإسناد جيد يلفظ أفرضكم زيد قال وهو حديث حسن.
1226 - (أفش) بهمزة قطع مفتوحة (السلام) ندبا أي أظهره برفع الصوت، أو بإشاعته بأن تسلم على من تراه تعرفه أم لا تعرفه، فإنه أول أسباب التآلف ومفتاح استجلاب التودد مع ما فيه من
(٢٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 ... » »»