شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٨ - الصفحة ٩٨
فقال عتبه بن أبي سفيان الهوا عن هذا، فإني لاق بالغداة جعدة بن هبيرة، فقال معاوية: بخ بخ! قومه بنو مخزوم، وأمه أم هانئ بنت أبي طالب كفء كريم.
وكثر العتاب والخصام بين القوم، حتى أغلظوا لمروان وأغلظ لهم، فقال مروان:
أما والله لولا ما كان منى إلى علي عليه السلام في أيام عثمان، ومشهدي بالبصرة، لكان لي في علي رأى يكفي امرأ ذا حسب ودين، ولكن ولعل. ونابذ معاوية الوليد بن عقبة [دون القوم] (1)، فأغلظ له الوليد فقال معاوية. إنك إنما تجترئ على بنسبك من عثمان، ولقد ضربك الحد وعزلك عن الكوفة.
ثم إنهم ما أمسوا حتى اصطلحوا، وأرضاهم معاوية من نفسه، ووصلهم بأموال جليلة.
وبعث معاوية إلى عتبة، فقال: ما أنت صانع في جعدة! قال: ألقاه اليوم وأقاتله غدا، وكان لجعدة في قريش شرف عظيم، وكان له لسان، وكان من أحب الناس إلى علي عليه السلام، فغدا عليه عتبة فنادى: أبا جعدة أبا جعدة! فاستأذن عليا عليه السلام في الخروج إليه، فأذن له، واجتمع الناس، فقال عتبة: يا جعدة، والله ما أخرجك علينا إلا حب خالك وعمك عامل البحرين، وإنا والله ما نزعم إن معاوية أحق بالخلافة من على، لولا أمره في عثمان، ولكن معاوية أحق بالشام لرضا أهلها به، فاعفوا لنا عنها فوالله ما بالشام رجل به طرق (2) إلا وهو أجد من معاوية في القتال، وليس بالعراق رجل له مثل جد على في الحرب، ونحن أطوع لصاحبنا منكم لصاحبكم، وما أقبح بعلي أن يكون في قلوب المسلمين أولى الناس، بالناس حتى إذا أصاب سلطانا أفنى العرب. فقال جعدة: أما حبى لخالي، فلو كان لك خال مثله لنسيت أباك، وأما ابن أبي سلمة فلم يصب أعظم من قدره، والجهاد أحب إلى من العمل، وأما فضل على على معاوية،

(1) من صفين.
(2) الطرق هنا: القوة:.
(٩٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 93 94 95 96 97 98 99 100 101 102 103 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 124 - من كلام له عليه السلام في حث أصحابه على القتال 3
2 عود إلى أخبار صفين 9
3 125 - من كلام له عليه السلام في الخوارج لما أنكروا تحكيم الرجال، ويذم فيه أصحابه في التحكيم 103
4 126 - من كلام له عليه السلام لما عوتب على التسوية في العطاء وتصبيره الناس أسوة في العطاء من غير تفضيل أولى السابقات والشرف 109
5 127 - من كلام له عليه السلام في الاحتجاج على الخوارج والنهى عن الفرقة 112
6 مذهب الخوارج في تكفير أهل الكبائر 113
7 فصل في ذكر الغلاة من الشيعة والنصيرية وغيرهم 119
8 128 - من كلام له عليه السلام فيما يخبر به عن الملاحم بالبصرة 125
9 أخبار صاحب الزنج وفتنته وما انتحله من عقائد 126
10 فصل في ذكر جنكز خان وفتنة التتر 218
11 129 - من خطبة له في ذكر المكاييل والموازين 244
12 نبذ من أقول الصالحين والحكماء 246
13 130 - من كلام له عليه السلام لأبي ذر رحمة الله لما أخرج إلى الربذة 252
14 131 - من كلامه له عليه السلام في حال نفسه وأوصاف الإمام 263
15 132 - من خطبة له في تمجيد الله سبحانه 268
16 133 - من خطبة له عليه السلام في صفة القرآن وصفة النبي وأوصاف الدنيا 272
17 فصل في الجناس وذكر أنواعه 276
18 134 - ومن كلام له عليه السلام وقد شاوره عمر بن الخطاب في الخروج 296
19 غزوة فلسطين وفتح بيت المقدس 298
20 135 - ومن كلام له عليه السلام وقد وقع بينه وبين عثمان مشاجرة 301
21 فصل في نسب ثقيف وطرف من أخبارهم 303