شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٨ - الصفحة ٢١
وإن شاءوا فليكثروا] (1) فسار. (2) عمار في اثنى عشر فارسا حتى إذا كانوا بالمنصف سار عمرو بن العاص في اثنى عشر فارسا حتى اختلفت أعناق الخيل (2)، خيل عمار وخيل عمرو، ونزل القوم واحتبوا بحمائل سيوفهم، فتشهد عمرو بن العاص، فقال له عمار: اسكت، فلقد تركتها وأنا أحق بها منك، فإن شئت كانت خصومة فيدفع حقنا باطلك، وإن شئت كانت خطبة، فنحن أعلم بفصل الخطاب منك، وإن شئت أخبرتك بكلمة تفصل بيننا وبينك، وتكفرك قبل القيام، وتشهد بها على نفسك ولا تستطيع أن تكذبني فيها. فقال عمرو: يا أبا اليقظان، ليس لهذا جئت إنما جئت، لأني رأيتك أطوع أهل هذا العسكر فيهم. أذكرك الله إلا كففت سلاحهم، وحقنت دماءهم وحرصت (3) على ذلك، فعلام تقاتلوننا! أو لسنا نعبد إلها واحدا، ونصلي إلى قبلتكم وندعو دعوتكم، ونقرأ كتابكم، ونؤمن نبيكم! قال عمار: الحمد لله الذي أخرجها من فيك، إنها لي ولأصحابي: القبلة والدين وعبادة الرحمن، والنبي، والكتاب من دونك ودون أصحابك. الحمد لله الذي قررك لنا بذلك، وجعلك ضالا مضلا أعمى، وسأخبرك على ما أقاتلك عليه وأصحابك، إن رسول الله صلى الله عليه أمرني أن أقاتل الناكثين، فقد فعلت، وأمرني أن أقاتل القاسطين وأنتم هم، وأما المارقون فلا أدرى أدركهم أولا أيها الأبتر، ألست تعلم أن رسول الله صلى الله عليه قال: " من كنت مولاه فعلى مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه! "، فأنا مولى الله ورسوله وعلى مولاي بعدهما. قال عمرو: لم تشتمني يا أبا اليقظان ولست أشتمك قال عمار: وبم تشتمني؟ أتستطيع أن تقول: إني عصيت الله ورسوله يوما قط! قال عمرو: إن فيك لمساب (4) سوى ذلك، قال عمار: إن الكريم من أكرمه

(1) تكملة من كتاب صفين.
(2 - 2) صفين: " فسار أبو الأعور في مائة فارس حتى إذا كان حيث كنا بالمرة الأولى وقفوا وسار في عشرة بعمرو، وسار عمار في اثنى عشر فارسا حتى اختلفت أعناق الخيل... ".
(3) صفين: " وحرضت على ذلك ".
(4) صفين: " لمسبات ".
(٢١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 124 - من كلام له عليه السلام في حث أصحابه على القتال 3
2 عود إلى أخبار صفين 9
3 125 - من كلام له عليه السلام في الخوارج لما أنكروا تحكيم الرجال، ويذم فيه أصحابه في التحكيم 103
4 126 - من كلام له عليه السلام لما عوتب على التسوية في العطاء وتصبيره الناس أسوة في العطاء من غير تفضيل أولى السابقات والشرف 109
5 127 - من كلام له عليه السلام في الاحتجاج على الخوارج والنهى عن الفرقة 112
6 مذهب الخوارج في تكفير أهل الكبائر 113
7 فصل في ذكر الغلاة من الشيعة والنصيرية وغيرهم 119
8 128 - من كلام له عليه السلام فيما يخبر به عن الملاحم بالبصرة 125
9 أخبار صاحب الزنج وفتنته وما انتحله من عقائد 126
10 فصل في ذكر جنكز خان وفتنة التتر 218
11 129 - من خطبة له في ذكر المكاييل والموازين 244
12 نبذ من أقول الصالحين والحكماء 246
13 130 - من كلام له عليه السلام لأبي ذر رحمة الله لما أخرج إلى الربذة 252
14 131 - من كلامه له عليه السلام في حال نفسه وأوصاف الإمام 263
15 132 - من خطبة له في تمجيد الله سبحانه 268
16 133 - من خطبة له عليه السلام في صفة القرآن وصفة النبي وأوصاف الدنيا 272
17 فصل في الجناس وذكر أنواعه 276
18 134 - ومن كلام له عليه السلام وقد شاوره عمر بن الخطاب في الخروج 296
19 غزوة فلسطين وفتح بيت المقدس 298
20 135 - ومن كلام له عليه السلام وقد وقع بينه وبين عثمان مشاجرة 301
21 فصل في نسب ثقيف وطرف من أخبارهم 303