شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٥ - الصفحة ٦١
يجوز حمله على الحقيقة والمجاز، وكل منهما يصح به المعنى ولا يختل! (1 ولهذا قال الشافعي:
إن ملامسة المرأة تنقض الوضوء والطهارة 1).
وذهب غيره إلى أن المراد باللمس في الآية الجماع، وهو الكناية المجازية، فكل موضع يرد فيه الكناية، فسبيله هذا السبيل، وليس التشبيه بهذه الصورة ولا غيره من أقسام المجاز، لأنه لا يجوز حمله إلا على جانب المجاز خاصة، ولو حمل على جانب الحقيقة لاستحال المعنى، ألا ترى أنا إذا قلنا: زيد أسد لم يصح أن يحمل إلا على الجهة المجازية، وهي التشبيه بالأسد في شجاعته، ولا يجوز حمله على الجهة الحقيقية لان (زيدا) لا يكون سبعا ذا أنياب ومخالب، فقد صار إذن حد الكناية أنها اللفظ الدال على معنى يجوز حمله على جانبي، الحقيقة والمجاز، بوصف جامع بين الحقيقة والمجاز.
قال: والدليل على ذلك أن الكناية في أصل الوضع أن تتكلم بشئ وتريد غيره، يقال: كنيت بكذا عن كذا، فهي تدل على ما تكلمت به، وعلى ما أردته من غيره فلا يخلو (2) إما أن يكون في لفظ تجاذبه (3 جانبا حقيقة وحقيقة، أو في لفظ تجاذبه جانبا مجاز ومجاز، أو في لفظ لا يتجاذبه أمر. وليس لنا قسم رابع 3).
والثاني باطل، لان ذاك هو اللفظ المشترك، فإن أطلق من غير قرينة مخصصة كان مبهما غير مفهوم، وإن كان معه قرينة صار مخصصا لشئ بعينه، والكناية أن تتكلم بشئ وتريد غيره، وذلك مخالف للفظ المشترك إذا أضيف إليه القرينة، لأنه يختص بشئ واحد بعينه، ولا يتعداه إلى غيره، والثالث باطل أيضا، لان المجاز لا بد له من حقيقة ينقل عنها لأنه فرع عليها.

(1 - 1) المثل السائر: (ولهذا ذهب الشافعي رحمه الله إلى أن اللمس هو مصافحة الجسد، فأوجب الوضوء على الرجل إذا لمس المرأة، وذلك هو الحقيقة في اللمس).
(2) المثل السائر: (وعلى هذا فلا تخلو).
(3 - 3) المثل السائر: (تجاذبه جانبا حقيقة ومجاز، آو في لفظ: تجاذبه جانبا مجاز ومجاز، أو في لفظ تجاذبه جانبا: حقيقة وحقيقة، وليس لنا قسم رابع).
(٦١)
مفاتيح البحث: الأكل (1)، الوضوء (1)، الجواز (4)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 56 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 58 - من كلام عليه السلام لما عزم على حرب الخوارج وقيل له إن القوم قد عبروا جسر النهروان 3
2 بدء ظهور الغلاة 5
3 طرق الإخبار بالمغيبات 9
4 59 - من كلامه لما قتل الخوارج فقيل له يا أمير المؤمنين هلك القوم بأجمعهم 14
5 الكناية والرموز والتعريض وذكر مثل منها 15
6 الفرق بين الكناية والتعريض 59
7 مقتل الوليد بن طريف الخارجي ورثاء أخته له 73
8 خروج ابن عمرو الخثعمي وأمره مع محمد بن يوسف الطائي 74
9 ذكر جماعة ممن كان يرى رأي الخوارج 76
10 60 - من كلام له عليه السلام في الخوارج 78
11 عود إلى أخبار الخوارج وذكر رجالهم وحروبهم 80
12 مرداس بن حدير 82
13 عمران بن حطان 91
14 المستورد السعدي 97
15 حوثرة الأسدي 98
16 أبو الوازع الراسبي 102
17 عمران بن الحارث الراسبي 103
18 عبد الله بن يحيى والمختار بن عوف 106
19 خطب أبي حمزة الشاري 114
20 أخبار متفرقة عن أحوال معاوية 129
21 61 - من كلام له لما خوف الغيلة 132
22 اختلاف الناس في الآجال 133
23 62 - من كلام له في وصف الدنيا 140
24 63 - من كلام له في الحض على الزهد والاستعداد لما بعد الموت 145
25 عظة للحسن البصري 147
26 من خطب عمر بن عبد العزيز 150
27 من خطب ابن نباتة 151
28 64 من خطبة له في تنزيه الله سبحانه وتقديسه 153
29 اختلاف الأقوال في خلق العالم 157
30 65 - من كلام له كان يقوله لأصحابه في بعض أيام صفين 168
31 من أخبار يوم صفين 175