شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٥ - الصفحة ٢٤٨
رحيما، أكرم خلق الله حسبا، وأجملهم (١) منظرا، وأسخاهم نفسا، وأبرهم لوالد، وأوصلهم لرحم، وأفضلهم علما، وأثقلهم حلما، وأوفاهم لعهد، وآمنهم على عقد، لم يتعلق عليه مسلم ولا كافر بمظلمة قط، بل كان يظلم فيغفر، ويقدر فيصفح حتى مضى صلى الله عليه وسلم مطيعا لله صابرا على ما أصابه، مجاهدا في الله حق جهاده، حتى أتاه اليقين، صلى الله عليه وسلم، فكان ذهابه أعظم المصيبة على أهل الأرض: البر والفاجر، ثم ترك فيكم كتاب الله يأمركم بطاعة الله، وينهاكم عن معصيته، وقد عهد إلى رسول الله عهدا فلست أحيد عنه، وقد حضرتم عدوكم، وعلمتم أن (٢) رئيسهم منافق، يدعوهم إلى النار، وابن عم نبيكم معكم، وبين أظهركم، يدعوكم إلى الجنة وإلى طاعة ربكم، والعمل بسنة نبيكم، ولا سواء من صلى قبل كل ذكر، لم يسبقني بصلاة مع رسول الله أحد، وأنا من أهل بدر، ومعاوية طليق [وابن طليق] (٣). والله إنا على الحق وإنهم على الباطل، فلا (٤ يجتمعن على باطلهم وتتفرقوا عن حقكم ٤) حتى يغلب باطلهم حقكم، ﴿قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم﴾ (5)، فإن لم تفعلوا يعذبهم بأيدي غيركم.
فقام (6) أصحابه، فقالوا: يا أمير المؤمنين، انهض بنا إلى عدونا وعدوك إذا شئت، فوالله ما نريد بك بدلا، بل نموت معك، ونحيا معك. فقال لهم: والذي نفسي بيده، لنظر إلى النبي صلى الله عليه وسلم، أضرب بين (7) يديه بسيفي هذا، فقال: (لا سيف إلا ذا الفقار ولا فتى إلا على)، وقال لي: (يا علي أنت منى بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي،

(١) صفين: (وأجمله)، وكذلك سائر الضمائر إلى: (وآمنهم على عقد).
(٢) صفين: (من رئيسهم).
(٣) من صفين (٤ - ٤) صفين: (فلا يكونن القوم على باطلهم اجتمعوا عليه، وتفرقون عن حقكم).
(٥) سورة التوبة ١٤ (6) صفين: (فأجابه أصحابه).
(7) صفين: (قدامه).
(٢٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 243 244 245 246 247 248 249 250 251 252 253 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 58 - من كلام عليه السلام لما عزم على حرب الخوارج وقيل له إن القوم قد عبروا جسر النهروان 3
2 بدء ظهور الغلاة 5
3 طرق الإخبار بالمغيبات 9
4 59 - من كلامه لما قتل الخوارج فقيل له يا أمير المؤمنين هلك القوم بأجمعهم 14
5 الكناية والرموز والتعريض وذكر مثل منها 15
6 الفرق بين الكناية والتعريض 59
7 مقتل الوليد بن طريف الخارجي ورثاء أخته له 73
8 خروج ابن عمرو الخثعمي وأمره مع محمد بن يوسف الطائي 74
9 ذكر جماعة ممن كان يرى رأي الخوارج 76
10 60 - من كلام له عليه السلام في الخوارج 78
11 عود إلى أخبار الخوارج وذكر رجالهم وحروبهم 80
12 مرداس بن حدير 82
13 عمران بن حطان 91
14 المستورد السعدي 97
15 حوثرة الأسدي 98
16 أبو الوازع الراسبي 102
17 عمران بن الحارث الراسبي 103
18 عبد الله بن يحيى والمختار بن عوف 106
19 خطب أبي حمزة الشاري 114
20 أخبار متفرقة عن أحوال معاوية 129
21 61 - من كلام له لما خوف الغيلة 132
22 اختلاف الناس في الآجال 133
23 62 - من كلام له في وصف الدنيا 140
24 63 - من كلام له في الحض على الزهد والاستعداد لما بعد الموت 145
25 عظة للحسن البصري 147
26 من خطب عمر بن عبد العزيز 150
27 من خطب ابن نباتة 151
28 64 من خطبة له في تنزيه الله سبحانه وتقديسه 153
29 اختلاف الأقوال في خلق العالم 157
30 65 - من كلام له كان يقوله لأصحابه في بعض أيام صفين 168
31 من أخبار يوم صفين 175