شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٥ - الصفحة ١٥٦
الخطابة، كان ظاهرا، لان الناس يستحقرون القليل لقلته، ويستعظمون الكثير لكثرته، قال الشاعر:
تجمعتم من كل أوب ووجهة على واحد لا زلتمو قرن واحد وأما قوله: (وكل عزيز غيره ذليل) فهو حق، لان غيره من الملوك وإن كان عزيزا فهو ذليل في قبضة القضاء والقدر، وهذا هو تفسير قوله: (وكل قوى غيره ضعيف، وكل مالك غيره مملوك).
وأما قوله: (وكل عالم غيره متعلم) فهو حق، لأنه سبحانه مفيض العلوم على النفوس، فهو المعلم الأول، جلت قدرته وأما قوله: (وكل قادر غيره يقدر ويعجز) فهو حق، لأنه تعالى قادر لذاته، ويستحيل عليه العجز، وغيره قادر لأمر خارج عن ذاته، إما لقدرة، كما قاله قوم، أو لبنية وتركيب كما قاله قوم آخرون، والعجز على من عداه غير ممتنع، وعليه مستحيل.
وأما قوله عليه السلام: (وكل سميع غيره يصم عن لطيف الأصوات، ويصمه كبيرها ويذهب عنه ما بعد منها) فحق، لان كل ذي سمع من الأجسام يضعف سمعه عن إدراك خفى الأصوات، ويتأثر من شديدها وقويها، لأنه يسمع (1) بآلة جسمانية والآلة الجسمانية ذات قوة متناهية واقفة عند حد محدود، والباري تعالى بخلاف ذلك.
واعلم أن أصحابنا اختلفوا في كونه تعالى مدركا للمسموعات والمبصرات، فقال شيخنا أبو علي وأبو هاشم وأصحابهما: إن كونه مدركا صفة زائدة على كونه عالما، وقالا: إنا نصف الباري تعالى فيما لم يزل بأنه سميع بصير، ولا نصفه بأنه سامع مبصر، ومعنى كونه سامعا مبصرا أنه مدرك للمسموعات والمبصرات.

(1) ب: (لا يسمع)، تحريف.
(١٥٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 151 152 153 154 155 156 157 158 159 160 161 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 58 - من كلام عليه السلام لما عزم على حرب الخوارج وقيل له إن القوم قد عبروا جسر النهروان 3
2 بدء ظهور الغلاة 5
3 طرق الإخبار بالمغيبات 9
4 59 - من كلامه لما قتل الخوارج فقيل له يا أمير المؤمنين هلك القوم بأجمعهم 14
5 الكناية والرموز والتعريض وذكر مثل منها 15
6 الفرق بين الكناية والتعريض 59
7 مقتل الوليد بن طريف الخارجي ورثاء أخته له 73
8 خروج ابن عمرو الخثعمي وأمره مع محمد بن يوسف الطائي 74
9 ذكر جماعة ممن كان يرى رأي الخوارج 76
10 60 - من كلام له عليه السلام في الخوارج 78
11 عود إلى أخبار الخوارج وذكر رجالهم وحروبهم 80
12 مرداس بن حدير 82
13 عمران بن حطان 91
14 المستورد السعدي 97
15 حوثرة الأسدي 98
16 أبو الوازع الراسبي 102
17 عمران بن الحارث الراسبي 103
18 عبد الله بن يحيى والمختار بن عوف 106
19 خطب أبي حمزة الشاري 114
20 أخبار متفرقة عن أحوال معاوية 129
21 61 - من كلام له لما خوف الغيلة 132
22 اختلاف الناس في الآجال 133
23 62 - من كلام له في وصف الدنيا 140
24 63 - من كلام له في الحض على الزهد والاستعداد لما بعد الموت 145
25 عظة للحسن البصري 147
26 من خطب عمر بن عبد العزيز 150
27 من خطب ابن نباتة 151
28 64 من خطبة له في تنزيه الله سبحانه وتقديسه 153
29 اختلاف الأقوال في خلق العالم 157
30 65 - من كلام له كان يقوله لأصحابه في بعض أيام صفين 168
31 من أخبار يوم صفين 175