شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٥ - الصفحة ١٥٥
واجب من جميع جهاته، إذ لو فرضنا جواز اتصافه بأمر جديد ثبوتي أو سلبي لقلنا: إن ذاته لا تكفى في تحققه، ولو قلنا ذلك لقلنا إن حصول ذلك الامر، أو سلبه عنه، يتوقف على حصول أمر خارج عن ذاته، أو على عدم أمر خارج عن ذاته، فتكون ذاته لا محالة متوقفة على حضور ذلك الحصول أو السلب، والمتوقف على المتوقف على الغير متوقف على الغير، وكل متوقف على الغير ممكن، والواجب لا يكون ممكنا.
فيكون معنى الكلام على هذا التفسير نفى كونه تعالى ذا صفة بكونه أولا وآخرا، بل إنما المرجع بذلك إلى إضافات لا وجود لها في الأعيان، ولا يكون ذلك من أحوال ذاته الراجعة إليها كالعالمية ونحوها، لان تلك أحوال ثابتة، ونحن إنما ننفي عنه بهذه الحجة (1) الأحوال المتعاقبة.
وأما قوله: (أو يكون ظاهرا قبل أن يكون باطنا)، فإن للباطن والظاهر تفسيرا على وجهين:
أحدهما: أنه ظاهر بمعنى أن أدلة وجوده وأعلام ثبوته وإلهيته جلية واضحة، ومعنى كونه باطنا أنه غير مدرك بالحواس الظاهرة، بل بقوة أخرى باطنة، وهي القوة العقلية.
وثانيهما: أنا نعنى بالظاهر الغالب، يقال: ظهر فلان على بنى فلان، أي غلبهم، ومعنى الباطن العالم، يقال بطنت سر فلان، أي علمته، والقول في نفيه عنه سبحانه أن يكون ظاهرا قبل كونه باطنا، كالقول فيما تقدم من نفيه عنه سبحانه كونه أولا قبل كونه آخرا.
وأما قوله: (كل مسمى بالوحدة غيره قليل)، فلان الواحد أقل العدد، ومعنى كونه واحدا يباين ذلك، لان معنى كونه واحدا إما نفى الثاني في الإلهية، أو كونه يستحيل عليها الانقسام، وعلى كلا التفسيرين يسلب عنها مفهوم القلة.
هذا إذا فسرنا كلامه على التفسير الحقيقي وإن فسرناه على قاعدة البلاغة وصناعة

(1) ب: (يجحد)، تحريف.
(١٥٥)
مفاتيح البحث: الجواز (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 150 151 152 153 154 155 156 157 158 159 160 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 58 - من كلام عليه السلام لما عزم على حرب الخوارج وقيل له إن القوم قد عبروا جسر النهروان 3
2 بدء ظهور الغلاة 5
3 طرق الإخبار بالمغيبات 9
4 59 - من كلامه لما قتل الخوارج فقيل له يا أمير المؤمنين هلك القوم بأجمعهم 14
5 الكناية والرموز والتعريض وذكر مثل منها 15
6 الفرق بين الكناية والتعريض 59
7 مقتل الوليد بن طريف الخارجي ورثاء أخته له 73
8 خروج ابن عمرو الخثعمي وأمره مع محمد بن يوسف الطائي 74
9 ذكر جماعة ممن كان يرى رأي الخوارج 76
10 60 - من كلام له عليه السلام في الخوارج 78
11 عود إلى أخبار الخوارج وذكر رجالهم وحروبهم 80
12 مرداس بن حدير 82
13 عمران بن حطان 91
14 المستورد السعدي 97
15 حوثرة الأسدي 98
16 أبو الوازع الراسبي 102
17 عمران بن الحارث الراسبي 103
18 عبد الله بن يحيى والمختار بن عوف 106
19 خطب أبي حمزة الشاري 114
20 أخبار متفرقة عن أحوال معاوية 129
21 61 - من كلام له لما خوف الغيلة 132
22 اختلاف الناس في الآجال 133
23 62 - من كلام له في وصف الدنيا 140
24 63 - من كلام له في الحض على الزهد والاستعداد لما بعد الموت 145
25 عظة للحسن البصري 147
26 من خطب عمر بن عبد العزيز 150
27 من خطب ابن نباتة 151
28 64 من خطبة له في تنزيه الله سبحانه وتقديسه 153
29 اختلاف الأقوال في خلق العالم 157
30 65 - من كلام له كان يقوله لأصحابه في بعض أيام صفين 168
31 من أخبار يوم صفين 175