شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٣ - الصفحة ٢٣١
وقال قوم منهم: إنه تعالى يجوز أن ينزل فيطوف البلدان، ويدور في السكك.
وقال بعض الأشعريين: إن سائلا سأل السكاك فقال: إذا أجزت عليه الحركة، فهلا أجزت عليه أن يطفر! فقال: لا يجوز عليه الطفر، لان الطفر إنما يكون فرارا من ضد، أو اتصالا بشكل. فقال له: فالحركة أيضا كذلك! فلم يأت بفرق.
فأما القول بأنه تعالى في كل مكان، فإن المعتزلة يقولون ذلك، وتريد (1) به أنه وإن لم يكن في مكان أصلا، فإنه عالم بما في كل مكان، ومدبر لما في كل مكان، وكأنه موجود في جميع الأمكنة لإحاطته بالجميع.
وقال قوم من قدماء الفلاسفة: إن البارئ تعالى روح شديد في غاية اللطافة، وفي غاية القوة، ينفذ في كل العالم. وهؤلاء يطلقون عليه أنه في كل مكان حقيقة لا تأويلا، ومن هؤلاء من أوضح هذا القول، وقال: إنه تعالى سار في هذا العالم سريان نفس الواحد منا في بدنه، فكما أن كل بدن منا له نفس سارية فيه تدبره، كذلك البارئ سبحانه هو نفس العالم، وسار في كل جزء من العالم، فهو إذا في كل مكان بهذا الاعتبار، لان النفس في كل جزء من البدن.
وحكى الحسن بن موسى النوبختي عن أهل الرواق من الفلاسفة، أن الجوهر الإلهي سبحانه روح ناري عقلي، ليس له صورة، لكنه قادر على أن يتصور بأي صورة شاء، ويتشبه بالكل، وينفذ في الكل بذاته وقوته، لا بعلمه وتدبيره.
* * * النوع الرابع: نفى كونه عرضا حالا في المحل، فالذي تذهب إليه المعتزلة وأكثر المسلمين والفلاسفة نفى ذلك القول باستحالته عليه سبحانه لوجوب وجوده، وكون كل حال في الأجسام ممكنا بل حادثا.

(1) ب: (فإن المعتزلة يقولون ذلك ويريدون..))
(٢٣١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 226 227 228 229 230 231 232 233 234 235 236 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 بقية رد المرتضى على ما أرده القاضي عبد الجبار من الدفاع عن عثمان 4
2 ذكر المطاعن التي طعن بها على عثمان والرد عليها 11
3 بيعة جرير بن عبد الله البجلي لعلي 70
4 بيعة الأشعث لعلي 73
5 دعوة علي معاوية إلى البيعة والطاعة ورد معاوية عليه 74
6 أخبار متفرقة 91
7 مفارقة جرير بن عبد الله البجلي لمعاوية 115
8 نسب جرير وبعض أخباره 117
9 44 - ومن كلام له عليه السلام لما هرب مصقلة بن هبيرة الشيباني إلى معاوية 119
10 نسب بنى ناجية 120
11 نسب علي بن الجهم وطائفة من أخباره وشعره 122
12 نسب مصقلة بن هبيرة 127
13 خبر بني ناجية مع علي 127
14 قصة الخريت بن راشد الناجي وخروجه على علي 128
15 45 - من خطبة له عليه السلام في الزهد وتعظيم الله وتصغير أمر الدنيا 152
16 فصل بلاغي في الموازنة والسجع 153
17 نبذ من كلام الحكماء في مدح القناعة وذم الطمع 154
18 46 - من كلام له عليه السلام عن عزمه على المسير إلى الشام 165
19 أدعية على عند خروجه من الكوفة لحرب معاوية 166
20 كلام علي حين نزل بكربلاء 169
21 كلامه لأصحابه وكتبه إلى عماله 171
22 كتاب محمد بن أبي بكر إلى معاوية وجوابه عليه 188
23 47 - من كلام له عليه السلام في ذكر الكوفة \ 197
24 فصل في ذكر فضل الكوفة 198
25 48 - من خطبة له عليه السلام عند المسير إلى الشام 200
26 أخبار علي في جيشه وهو في طريقه إلى صفين 202
27 49 - من خطبة له في تمجيد الله سبحانه وتمجيده 216
28 فصول في العلم الإلهي: 217
29 الفصل الأول وهو الكلام على كونه تعالى عالما بالأمور الخفية 218
30 الفصل الثاني في تفسير قوله عليه السلام: " ودلت عليه أعلام الظهور " 221
31 الفصل الثالث في أن هويته تعالى غير هوية البشر 222
32 الفصل الرابع في نفي التشبيه عنه تعالى 223
33 الفصل الخامس في بيان أن الجاحد له مكابر بلسانه ومثبت له بقلبه 238
34 50 - من خطبة له عليه السلام يصف وقوع الفتن 240
35 51 - من كلام له عليه السلام لما غلب أصحاب معاوية أصحابه عليه السلام على شريعة الفرات بصفين ومنعوهم من الماء 244
36 الأشعار الواردة في الإباء والأنف من احتمال الضيم 245
37 أباة الضيم وأخباره 249
38 غلبة معاوية على الماء بصفين ثم غلبة علي عليه بعد ذلك 312
39 52 - من خطبة له في وصف الدنيا ما قيل من الأشعار في ذم الدنيا 335