شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٣ - الصفحة ٢٢٠
إجمالا لا تفصيلا، وهو مذهب الجويني (1) من متكلمي الأشعرية.
القول السابع: قول من قال إنه تعالى يعلم المعلومات المفصلة ما لم يفض القول به إلى محال، وزعموا أن القول بأنه يعلم كل شئ يفضي إلى محال، وهو أن يعلم ويعلم أنه يعلم، وهلم جرا إلى ما لا نهاية له، وكذلك المحال لازم إذا قيل إنه يعلم الفروع، وفروع الفروع ولوازمها ولوازم لوازمها إلى ما لا نهاية له. قالوا: ومحال اجتماع كل هذه العلوم غير المتناهية في الوجود، وهذا مذهب أبي البركات البغدادي صاحب المعتبر (2).
القول الثامن: قول من زعم أنه تعالى لا يعلم الشخصيات الجزئية، وإنما يعلم الكليات التي لا يجوز عليها التغيير، كالعلم بأن كل إنسان حيوان، ويعلم نفسه أيضا، وهذا مذهب أرسطو وناصري قوله من الفلاسفة كابن سينا وغيره.
القول التاسع: قول من زعم أنه تعالى لا يعلم شيئا أصلا، لا كليا ولا جزئيا، وإنما وجد العالم عنه لخصوصية ذاته فقط من غير أن يعلمه، كما أن المغناطيس يجذب الحديد لقوة فيه من غير أن يعلم بالجذب، وهذا قول قوم من قدماء الفلاسفة.
فهذا تفصيل المذاهب في هذه المسألة.
واعلم أن حجه المتكلمين على كونه عالما بكل شئ، إنما تتضح بعد إثبات حدوث العالم، وأنه فعله بالاختيار، فحينئذ لا بد من كونه عالما، لأنه لو لم يكن عالما بشئ أصلا لما صح أن يحدث العالم على طريق الاختيار، لان الاحداث على طريق الاختيار، إنما يكون بالغرض والداعي، وذلك يقتضى كونه عالما، فإذا ثبت أنه عالم بشئ أفسدوا حينئذ أن يكون عالما بمعنى اقتضى له العالمية، أو بأمر خارج عن ذاته، مختارا كان أو غير مختار،

(1) هو الإمام أبو المعالي عبد الملك بن يوسف الجويني، إمام الحرمين، المتوفى سنة 478.
(ابن خلكان).
(2) كتاب المعتبر في الحكمة، طبع في حيدر آباد، لأبي البركات علي بن ملكا البغدادي، توفى سنة 560 والنظر أخبار العلماء للقفطي 343.
(٢٢٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 215 216 217 218 219 220 221 222 223 224 225 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 بقية رد المرتضى على ما أرده القاضي عبد الجبار من الدفاع عن عثمان 4
2 ذكر المطاعن التي طعن بها على عثمان والرد عليها 11
3 بيعة جرير بن عبد الله البجلي لعلي 70
4 بيعة الأشعث لعلي 73
5 دعوة علي معاوية إلى البيعة والطاعة ورد معاوية عليه 74
6 أخبار متفرقة 91
7 مفارقة جرير بن عبد الله البجلي لمعاوية 115
8 نسب جرير وبعض أخباره 117
9 44 - ومن كلام له عليه السلام لما هرب مصقلة بن هبيرة الشيباني إلى معاوية 119
10 نسب بنى ناجية 120
11 نسب علي بن الجهم وطائفة من أخباره وشعره 122
12 نسب مصقلة بن هبيرة 127
13 خبر بني ناجية مع علي 127
14 قصة الخريت بن راشد الناجي وخروجه على علي 128
15 45 - من خطبة له عليه السلام في الزهد وتعظيم الله وتصغير أمر الدنيا 152
16 فصل بلاغي في الموازنة والسجع 153
17 نبذ من كلام الحكماء في مدح القناعة وذم الطمع 154
18 46 - من كلام له عليه السلام عن عزمه على المسير إلى الشام 165
19 أدعية على عند خروجه من الكوفة لحرب معاوية 166
20 كلام علي حين نزل بكربلاء 169
21 كلامه لأصحابه وكتبه إلى عماله 171
22 كتاب محمد بن أبي بكر إلى معاوية وجوابه عليه 188
23 47 - من كلام له عليه السلام في ذكر الكوفة \ 197
24 فصل في ذكر فضل الكوفة 198
25 48 - من خطبة له عليه السلام عند المسير إلى الشام 200
26 أخبار علي في جيشه وهو في طريقه إلى صفين 202
27 49 - من خطبة له في تمجيد الله سبحانه وتمجيده 216
28 فصول في العلم الإلهي: 217
29 الفصل الأول وهو الكلام على كونه تعالى عالما بالأمور الخفية 218
30 الفصل الثاني في تفسير قوله عليه السلام: " ودلت عليه أعلام الظهور " 221
31 الفصل الثالث في أن هويته تعالى غير هوية البشر 222
32 الفصل الرابع في نفي التشبيه عنه تعالى 223
33 الفصل الخامس في بيان أن الجاحد له مكابر بلسانه ومثبت له بقلبه 238
34 50 - من خطبة له عليه السلام يصف وقوع الفتن 240
35 51 - من كلام له عليه السلام لما غلب أصحاب معاوية أصحابه عليه السلام على شريعة الفرات بصفين ومنعوهم من الماء 244
36 الأشعار الواردة في الإباء والأنف من احتمال الضيم 245
37 أباة الضيم وأخباره 249
38 غلبة معاوية على الماء بصفين ثم غلبة علي عليه بعد ذلك 312
39 52 - من خطبة له في وصف الدنيا ما قيل من الأشعار في ذم الدنيا 335