شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٣ - الصفحة ١٧٨
وإن يتمادوا في الشقاق ولا ينزعوا عن الغي فسر إليهم. وقد قدمنا إليهم بالعذر (١)، و دعوناهم إلى ما في أيدينا من الحق، فوالله لهم من الحق أبعد، وعلى الله أهون، من قوم قاتلناهم أمس بناحية البصرة لما دعوناهم إلى الحق فتركوه، ناوجناهم براكاء القتال (٢)، حتى بلغنا منهم ما نحب، وبلغ الله منهم رضاه.
فقام زيد بن حصين الطائي - وكان من أصحاب البرانس (٣) المجتهدين - فقال: الحمد لله حتى يرضى، ولا إله إلا الله ربنا، أما بعد: فوالله إن كنا في شك من قتال من خالفنا، ولا تصلح لنا النية في قتالهم حتى نستديمهم ونستأنيهم - ما الأعمال إلا في تباب، ولا السعي إلا في ضلال، والله تعالى يقول: ﴿وأما بنعمة ربك فحدث﴾ (4) إننا، والله ما ارتبنا طرفة عين فيمن يتبعونه (5)، فكيف بأتباعه القاسية قلوبهم، القليل من الاسلام حظهم، أعوان الظلمة وأصحاب الجور والعدوان (6) ليسوا من المهاجرين ولا الأنصار، ولا التابعين بإحسان.
فقام رجل من طيئ فقال: يا زيد بن حصين، أكلام سيدنا عدى بن حاتم تهجن (7)! فقال: زيد ما أنتم بأعرف بحق عدى منى، ولكني لا أدع القول بالحق وإن سخط الناس.
قال نصر: وحدثنا عمر بن سعد، عن الحارث بن حصين قال (8): دخل أبو زينب

(١) صفين: (العذر).
(٢) البراكاء: الإبتراك في الحرب، وهو أن يجثو القوم على ركبهم.، ويقال: وجن به، أي ضرب به الأرض، وفى صفين: (ناوخناهم).
(٣) جمع برنس، وهو قلنسوة طويلة كان يلبسها في صدر الاسلام النساك والزهاد.
(٤) سورة الضحى ١١.
(5) صفين: (يبتغون دمه).
(6) صفين: (ومسددي أساس الجور والعدوان).
(7) في صفين بعد هذه الكلمة: (قال: فقال عدى بن حاتم: الطريق مشترك، والناس في الحق سواء، فمن اجتهد رأيه في نصيحة العامة فقد قضى الذي عليه).
(8) صفين 112: (الحارث بن حصيرة).
(١٧٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 173 174 175 176 177 178 179 180 181 182 183 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 بقية رد المرتضى على ما أرده القاضي عبد الجبار من الدفاع عن عثمان 4
2 ذكر المطاعن التي طعن بها على عثمان والرد عليها 11
3 بيعة جرير بن عبد الله البجلي لعلي 70
4 بيعة الأشعث لعلي 73
5 دعوة علي معاوية إلى البيعة والطاعة ورد معاوية عليه 74
6 أخبار متفرقة 91
7 مفارقة جرير بن عبد الله البجلي لمعاوية 115
8 نسب جرير وبعض أخباره 117
9 44 - ومن كلام له عليه السلام لما هرب مصقلة بن هبيرة الشيباني إلى معاوية 119
10 نسب بنى ناجية 120
11 نسب علي بن الجهم وطائفة من أخباره وشعره 122
12 نسب مصقلة بن هبيرة 127
13 خبر بني ناجية مع علي 127
14 قصة الخريت بن راشد الناجي وخروجه على علي 128
15 45 - من خطبة له عليه السلام في الزهد وتعظيم الله وتصغير أمر الدنيا 152
16 فصل بلاغي في الموازنة والسجع 153
17 نبذ من كلام الحكماء في مدح القناعة وذم الطمع 154
18 46 - من كلام له عليه السلام عن عزمه على المسير إلى الشام 165
19 أدعية على عند خروجه من الكوفة لحرب معاوية 166
20 كلام علي حين نزل بكربلاء 169
21 كلامه لأصحابه وكتبه إلى عماله 171
22 كتاب محمد بن أبي بكر إلى معاوية وجوابه عليه 188
23 47 - من كلام له عليه السلام في ذكر الكوفة \ 197
24 فصل في ذكر فضل الكوفة 198
25 48 - من خطبة له عليه السلام عند المسير إلى الشام 200
26 أخبار علي في جيشه وهو في طريقه إلى صفين 202
27 49 - من خطبة له في تمجيد الله سبحانه وتمجيده 216
28 فصول في العلم الإلهي: 217
29 الفصل الأول وهو الكلام على كونه تعالى عالما بالأمور الخفية 218
30 الفصل الثاني في تفسير قوله عليه السلام: " ودلت عليه أعلام الظهور " 221
31 الفصل الثالث في أن هويته تعالى غير هوية البشر 222
32 الفصل الرابع في نفي التشبيه عنه تعالى 223
33 الفصل الخامس في بيان أن الجاحد له مكابر بلسانه ومثبت له بقلبه 238
34 50 - من خطبة له عليه السلام يصف وقوع الفتن 240
35 51 - من كلام له عليه السلام لما غلب أصحاب معاوية أصحابه عليه السلام على شريعة الفرات بصفين ومنعوهم من الماء 244
36 الأشعار الواردة في الإباء والأنف من احتمال الضيم 245
37 أباة الضيم وأخباره 249
38 غلبة معاوية على الماء بصفين ثم غلبة علي عليه بعد ذلك 312
39 52 - من خطبة له في وصف الدنيا ما قيل من الأشعار في ذم الدنيا 335