الحق المبين - الفيض الكاشاني - الصفحة ١٠
حديثنا فإنهم حجتي عليكم وأنا حجة الله عليهم.
وبالجملة قد أذنوا في الأخذ بالأخبار والكتب بالتسليم والانقياد ولم يأذنوا في الأخذ بالآراء والاجتهاد بل نهوا عنه فليس لنا إلا الاتباع والاقتصار على السماع من دون ابتغاء الدليل والله يقول الحق وهو يهدي السبيل (1).
الخاتمة إذا ثبت ما حققناه وأبان عن الحق ما قررناه فليتتبع متتبع حتى يظهر له عدم الاحتياج إلى العمل بكثير من أخبار الآحاد فضلا عن القوانين المخترعة الشائعة في البلاد والعباد وذلك لأن ما اضطر إليه الناس في عباداتهم ومعاملاتهم من الأحكام الشرعية يجري مجرى الضروري الذي لا اشتباه فيه وإنما الخلاف والاختلاف في أشياء ليست بضرورية أو هي تكاليف مخترعة وأحكام مبتدعة وذلك مثل ما يتعلق بالنية من التكاليف التي أخذتها طائفة من متأخري أصحابنا من كتب المخالفين وشددوا بها الأمر على المسلمين وأوقعوهم في الحرج وأدخلوهم فيما ليس لهم عنه مخرج، ومثل ما يتعلق بصلاة الجمعة من بعض الشرائط المخترعة لانعقادها كاشتراط إذن الإمام لرجل خاص يصليها، ومثل ما كلفوا الناس بالعلم بوجوب كل ما يجب من العبادات واستحباب كل ما يستحب منها جميعا وقصد أحد الأمرين في نيتها لتنعقد، إلى غير ذلك من التكاليف الشاقة التي ليس عليها دليل ولا إليها سبيل، لا شرع أتى به ولا عقل هدى إليه، بل هو من قبيل ما ورد فيه، أبهموا ما أبهم الله، واسكتوا عما سكت الله، قال أمير المؤمنين عليه السلام: إن الله تبارك وتعالى حد حدودا فلا تعتدوها، وفرض فرائض فلا تنقضوها، وسكت عن أشياء لم يسكت عنها نسيانا لها فلا تكلفوها، رحمة من الله لكم فاقبلوها. ثم قال: حلال بين وحرام بين، وشبهات بين ذلك فمن ترك ما اشتبه عليه من الإثم فهو لما استبان له أترك، والمعاصي حمى الله

١ - هذا آخر العبارة التي أشرنا إليها في أوائل الرسالة (ص 1) بأنها مذكورة في كتاب الحقائق للمصنف (ره) أيضا.
(١٠)