الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٢ - الصفحة ٥١٢
واعتلوا بحديث قتادة عن سالم بن أبي الجعد عن معدان بن أبي طلحة اليعمري عن أبي الدرداء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه أيعجز أحدكم أن يقرأ ثلث القرآن في ليلة قالوا نحن أعجز من ذلك وأضعف قال إن الله جزأ القرآن ثلاثة أجزاء فجعل * (قل هو الله أحد) * جزءا من أجزاء القرآن (1) قال أبو عمر ليس في هذا الحديث حجة لما ذكروه ولا فرق بين ثلاثة أجزاء وثلاثة أثلاث أو ثلاثة سهام لأن ذلك كله معناه واحد وقد وجدنا في خاتمة سورة الحشر وغيرها من صفات الله أكثر مما في * (قل هو الله أحد) * ولم يأت في شيء منها أنها تعدل ثلث القرآن كما جاء في * (قل هو الله أحد) * ولما لم تعدل * (قل هو الله أحد) * في كلماتها ولا في حروفها إلا أنها تعدل في الثواب لمن تلاها ثلث القرآن وهذا هو الذي يشهد له ظاهر الحديث وهو الذي يفر منه من خاف (واقعة) تفضيل القرآن بعضه على بعض وليس فيما يعطي الله عبده من الثواب على عمل يعمله ما يدل على فصل ذلك العمل في نفسه بل هو فضله (عز وجل) يؤتيه من يشاء من عباده على ما يشاء من عباداته تفضلا منه على من يشاء منهم وقد قال الله (عز وجل) * ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها " [البقرة 106] ولم يختلف العلماء بتأويل القرآن أنها خير لعبادة المؤمنين التالين لها والعاملين بها إما بتخفيف عنهم وإما بشفاء صدورهم بالقتال لعدوهم لأنها في ذاتها أفضل من غيرها فكذلك * (قل هو الله أحد) * خير لنا لأن الله يتفضل على تاليها من الثواب بما شاء ولسنا نقول في ذاتها أفضل من غيرها لأن القرآن عندنا كلام الله وصفة من صفاته ولا يدخل التفاضل في صفاته لدخول النقص في المفضول منها هذا كله قد قاله أهل السنة والرأي والحديث على أني أقول إن السكوت في هذه المسألة وما كان مثلها أفضل من الكلام فيها وأسلم حدثنا عبيد بن محمد قال حدثنا سلمة بن المعلى قال حدثنا عبد الله بن الجارود قال حدثنا إسحاق بن منصور قال قلت لأحمد بن حنبل قوله صلى الله عليه وسلم * (قل هو الله أحد) * تعدل ثلث القرآن ما وجهه فلم يقم لي فيها على أمر بين قال وقال لي إسحاق بن راهويه معناه أن الله (عز وجل) لما فضل كلامه على سائر الكلام جعل لبعضه أيضا فضلا من الثواب لمن قرأه تحريضا منه على تعليمه
(٥١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 507 508 509 510 511 512 513 514 515 516 517 ... » »»